وكراهية قاتمة، فمضوا لاسجواب الأم، واستخدموا أبشع أساليبهم في العنف والإرهاب. غير أن الأم التي عرفت كل هذه الأساليب، أسلمت أمرها لربها؛ واحتملت كل ما تعرضت له من القسوة بصبر لا حدود له، وإيمان لا يتزعزع. وزاد ذلك من حقد رجال الاستعمار، فمضوا إلى التنكيل بها بوسائل أخرى، إذ عملوا على سلب ممتلكاتها، وإحراق أثاث بيتها البسيط تحت بصرها، وقطع شجرات الزيتون التي تخصها، وصادروا لها بعض أغنامها، وانتزعوا منها حليها، حتى لم يبق لها إلا سوارين أهدتهما فيما بعد لأحد المجاهدين، وعلم الابن بما صنعه الاستعماريون مع والدته، فمضى إليها مواسيا، ومعه قائده في قوات جيش التحرير. ولشد ما كانت دهشة الابن وأخوه في السلاح كبيرة وهما يجدان (الأم) أكثر حزما، وأشد عنادا، وأكبر تصميما، على متابعة طريق الجهاد.
...
وقع اشتباك عنيف في ناحية (أزفون) وذلك في يوم من أيام مارس - أذار - ١٩٥٦. واشترك في القتال عشرة من المجاهدين فقط ضد عدد كبير من القوات الإفرنسية، واستمرت المعركة من الساعة الثامنة صباحا، حتى الثالثة من بعد الظهر، وأسفرت عن قتل عدد كبير من الأعداء الإفرنسيين، وإصابة عدد أكبر من الجرحى.
ومقابل ذلك، استشهد مجاهد واحد، وجرح أربعة آخرون كانت جراحهم خفيفة. ومضت ساعة واحدة فقط على انتهاء المعركة، عندما أقبلت ثلة من الجنود الإفرنسيين، يتقدمهم أحد الخونة من العملاء، واتجهوا جميعا الى القرية، لينقلوا إلى الأم خبر مصرع ابنها، إرواء لحقدهم، وشماتة بالأم الثكلى. وبوغتت الأم، غير أنها تحاملت على نفسها لتقول لهذا الخائن الذي نقل لها الخبر على