للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما يكفي لسد رمقه، إنها أوامر، فذهبت لأخذ اللحم والخبز من بيتي. لقد تجلدت قدما هذا السجين منذ ثمانية أيام. ففي إحدى الليالي، شددت القيود التي أوثقت بها قدماه. ولم يصبح الصباح حتى تجمدت رجلاه لشدة البرد وقسوته. رأيته في هذه الحالة، .. جروح ضخمة حمراء، ... تقشر بالجلد ... سواد في الأذنين، إن الطبيب عاجز عن معالجته، فقد أخذ التعفن في الانتشار، فلماذا لم يأخذوه إلى مدينة (خنشلة) لإسعافه؟ الظاهر أن ضابط الشؤون الأهلية (الساس) يريد أن يتولاه بنفسه، لأنه ثائر ألقي القبض عليه والسلاح في يده. وقد يكون هلاكه بالقروح والجوع. وبالأمس، رجعت إلى السجن، فوجدت السجين الذي قدمت له الخبز أنا و (ط) قد اختفى) (١).

وكتب مجند آخر:

(كنت أقوم بدور (عامل اتصال) في قرية مرتفعة، يوم بدأت القوات بتنفيذ ما أطلقت عليه اسم (مناورة التطويق) فشاهدت إحدى عشرة قرية تحترق، ويتصاعد الدخان إلى السماء من جميع (المشاتي) (٢) وكنت أستطيع متابعة حركة القوات من خلال مشاهدة تأجج النار في الطواحين والبيوت المتواضعة (الأكواخ) والممتدة تحت بصري. وتبع ذلك في الأيام التالية، قيام الجنود بأعمال النهب والسلب في جميع القرى، حتى أصبحت كافة المحلات التجارية خالية خاوية، فالأموال سرقت، والبضائع اتلفت ... أما


(١) المجندون يشهدون ٢/ ٢٧ - حرب الإبادة في الجزائر (مصلحة الدعاية والاستعلامات لجبهة التحرير الوطني) ص ١٣.
(٢) المشاتي (جمع مشتى) ويطلق هذا اللفظ في الجزائر على القرية الصغيرة في الريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>