للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأندلسة - غير أن ما أشيع عن تجمع أسطول صليبي بهدف خوض معركة حاسمة مع المسلمين، وتوجيه السلطان العثماني له بالاستعداد لمجابهة هذه الملحمة، جعله مضطرا للبقاء في الجزائر، وانتظار تطورات الأحداث. غير أن الأسطول الجزائري لم يوقف نشاطه، واستمر الجزائريون في غزواتهم البحرية. وهدفهم تدمير كل ما يجدونه في طريقهم، وكل ما يعترض سبيلهم من السفن الإسبانية - تجارية أو حربية -. وما زادتهم نكبة الأندلس الأخيرة، وفشل الثورة فيها، إلا شعورا بالمرارة والظلم، الأمر الذي أدى إلى تصعيد الصراع المسلح - وتوجيهه بصورة خاصة ضد الأعداء الإسبانيين في حاميتي (وهران والمرسى الكبير) وفي شهر نيسان - أبريل - سنة ١٥٧٨، هاجم الأسطول الجزائري بقوة وجرأة سواحل إسبانيا الشرقية والجنوبية، فحطم منشآتها، وغنم ما بها، وأسر وسبى من أهلها جمعا كبيرا، انتقاما من الموبقات التي ارتكبها الإسبان بحق المسلمين. وفي تلك السنة أيضا هاجم الأسطول الجزائري جزائر الباليئار من جديد فحطم ما فيها وغنم ما بها. وفي سنة (١٥٨٢م) جهز والي الجزائر أسطوله لمحاربة إسبانيا فوق ترابها، وما تحتله من بلاد أوروبا. ونزل المجاهدون المسلمون في (برشلونه) فأعطوا فيها تدميرا، ثم قاموا بعد ذلك بعبور مضيق جبل طارق، وهاجموا (الجزائر الخالدات - أو جزر الكناري) التي تحتلها إسبانيا. فدمروا المراكز الإسبانية وغنموا ما فيها. ورجع القبطان (مراد رايس - أحد أمراء البحر الجزائريين المشهورين) بغنائم عظيمة (١). ولم يكن الأسطول الجزائري يذهب للأندلس، لمجرد


(١) مراد رايس: مجاهد مسلم، احتفر على مقربة من الجزائر بئرا للسابلة، يروون منه، وأقيمت قرية بعد ذلك حول البئر، ثم تطورت. ويحمل البئر حتى اليوم اسم (بئر رايس) والقرية (قرية بئر مراد رايس). وأصبح اسمها منذ الاحتلال الإفرنسي للبلاد اسم (بير ماندريس).

<<  <  ج: ص:  >  >>