للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التنكيل بالإسبانين، ولتدمير منشآتهم، وأخذ الأسلاب والأسرى منهم، بل كان يهدف بالدرجة الأولى إنقاذ المسلمين من نكبتهم. وتعرض الأسطول الجزائري أثناء ذلك لمعارك قاسية، وللهزائم أحيانا، ومنها موقعة سنة (١٥٨٥ م) حيث اصطدم الأسطول الجزائري بأسطول إسباني كبير - من أسطول جنوه - ووقعت معركة أسفرت عن أسر (١٨) سفينة جزائرية. ونجحت الجهود في هذه الفترة بإنقاذ أكثر من عشرة آلاف مسلم أندلسي.

بقيت جذوة الثورة الإسلامية متوقدة فوق أرض الأندلس، ولم تتمكن لا محاكم التفتيش، ولا أعمال القمع الوحشية للثورات المتتالية من إخمادها أو القضاء عليها. ولم يفقد بقايا الأندلسيين الذين نجوا من المذابح، وآثروا البقاء في موطن الأجداد، الأمل في إنقاذ جزء من وطنهم، يقيمون فوقه بحرية، ويمارسون عباداتهم بدون قهر على ثراه، ويرجعون إليه من شاء الرجوع من أبناء عمومتهم وإخوانهم الذين شردوا وراء البحار. وكان هؤلاء (الموريسكو) كما يدعوهم الإسبان، أهل همة ونجدة ونخوة، وأهل صناعة وفن ومال، لم ينسوا دولتهم، ولم يتخلوا عن دينهم، ولم يفقدوا ثقتهم بأنفسهم على الرغم من إنقضاء فترة مائة وعشرين سنة من تحطيم الإسبان لدولة غرناطة، وبعدما لحقهم من طغيان وظلم وإرهاق، وإرغام على اعتناق المسيحية ظاهرا، وهم يكتمون الإيمان الشديد، وينقلون لأولادهم سرا، عظمة الإسلام وحب العرب. وأفاد هؤلاء من ضعف إسبانيا ووهنها، واضطرارها لعقد معاهدة لاهاي (سنة ١٦٠٩م) مع الثائرين عليها من رجال الفلانور بشمال أوروبا، وقرروا إعلان الثورة، وكانت هذه الثورة على اتصال بفرنسا - عدوة إسبانيا التقليدية - والتي كانت آنذاك

<<  <  ج: ص:  >  >>