للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ملقيا على الأرض طوال يوم وليلة. كما شاهدت أحد هؤلاء البؤساء وهو مشدود إلى طائرة عمودية - هيليكوبتر - ثم ألقت به الطائرة على الأرض من ارتفاع مائتي متر تقريبا. أما جميع المشتبه بأمرهم، والذين تم تعذيبهم بهذه الطريقة، فقد سلموا لجماعة جنود المظلات الذين أجهزوا عليهم جميعا، وبصورة فورية.

فما أبعدنا عن (عمليات التهدئة) التي قالوا أنهم أتوا بنا إلى هنا من أجلها، إن قلوبنا لتكاد تتفجر غيظا، ونحن نرى هذا الدرك الأسفل الذي انحدرت إليه طبيعتنا البشرية، ويكاد يعترينا اليأس والقنوط عندما نرى جماعة من الفرنسيين يعمدون لارتكاب نفس الأسلوب الفظيع الذي كان النازيون يستعملونه بوحشية وقسوة. على أن القوم لم يكتفوا بهذه الأعمال؛ بل إن الشر قد غمرهم، فأصبحوا يريدون الشر من أجل الشر، فيزيدون على أعمال الفظاعة أعمالا هي السهول بعينه. وعلى سبيل المثال: جاء رجال فرقتنا إلى

قائدهم برجلين من العرب، عثروا عليهما في المزارع. وقرر القائد أنهما من المشتبه بأمرهما، ولا أحد يعرف ما حمله على اتخاذ هذا القرار. وباشر القوم عملية التعذيب فورا، إذ لم ينتظروا تهيئة المولد الكهربائي، فانهالت أيدي رجال الفرقة ذات الخواتم الغليظة، وانهالت السواعد المفتولة، وانهالت الأرجل التي تحمل الأحذية ذات المسامير، انهالت كلها دفعة واحدة على وجهي الرجلين وعلى بطنيهما وعلى معدتيهما وكبديهما، واستمر هذا العمل إلى أن تخضبت الأرض بما برز فيها، وبما سال من جسديهما، وارغما عندئذ على الانحناء، من أجل لحس ما لصق بالأرض، ثم انهالت على وجهيهما وهما على هذه الحالة ضربات الأرجل ذات الأحذية المصفحة. ويظهر أن ذلك كله لم يكن كافيا، فارغما على نقل

<<  <  ج: ص:  >  >>