لقد برهنت فرنسا على رغبتها في السلام، إلا أن تهدئة الجزائر لا يمكن أن تتم الا بالرغبة المتبادلة من قبل الطرفين، ولست أعتقد أن هناك بين عرب الجزائر من يستطيع أن يتحمل أمام العالم وأمام التاريخ المسؤولية الفظيعة لجعل الوضع هناك لا يحتمل، ومنع التحرر السلمي لعرب الجزائر، ووأد الصداقة الفرنسية العربية؟! ...
إن وضع الجزائر مختلف تماما عن وضع تونس ومراكش، واذا كانت هناك وحدة جغرافية لأفريقيا الشمالية، فإن الوحدة السياسية معدومة! إن التقاليد القومية التونسية والمراكشية تستند الى تاريخ طويل، كما أنها تستند في حالة مراكش إلى اعتبارات دينية أيضا، وليس الوضع كذلك في الجزائر، كذلك يجب التأكيد على الحقيقة الأخرى التي سبق أن أشرت إليها: وأعني وجود أقلية أوروبية كبيرة جدا في الجزائر، لا تقارن بمثيلتيها في تونس ومراكش.
إن الاعتراف بدولتي تونس ومراكش لم يكن موضع نزاع في وقت من الأوقات أبدا، وتنبعث علاقاتهما بفرنسا من معاهدات دولية معقودة بصورة حرة، فإذا حازتا اليوم على استقلالهما في نطاق التكافل المنظم مع فرنسا فإن ذلك مما يتفق مع مبادىء الدستور الفرنسي ذاته. أما الحل الدستوري في الجزائر فلا يمكن أن يكون من النوع ذاته؛ ومع ذلك فنحن مصممون على تمتع الجزائرين في ظل إطار تشريعي مختلف، هو الإطار الفرنسي - الإسلامي المشترك! ...).