أما في (ليبيا) فقد نشرت صحيفة (شريناكا - ويكلي) التي تصدر أسبوعيا باللغة الانكليزية، مقالا أعلنت فيه رفضها التام لمشروع (جايار) لما يرمي إليه من إقرار الأوضاع القائمة حاليا في شمال أفريقيا، وإنه لا جدوى من مثل هذه الأحلاف والمواثيق ما دامت الجزائر لم تحصل على استقلالها التام، ولم تنزح جميع القوات الأجنبية عن شمال - أفريقيا. ومضت الصحيفة - الليبية - في قولها إن (جايار) يتجاهل أن حل مسألة الجزائر مرهون بأيدي الشعب الجزائري وحده؛ فلا القوات المسلحة، ولا الأحلاف والمواثيق، تستطيع أن تضمن لفرنسا دوام النظام الاستعماري القائم حاليا في الجزائر، بل إن الحكومات المغربية التي يسعى (جايار) إلى إشراكها في ميثاقه المزعوم، تدرك تماما أن استدامة الاستعمار الفرنسي في شمالي أفريقيا يعد تهديدا خطيرا لمصالحها.
إن الاحلاف والمواثيق لن تقوم إلا بين بلاد ذات سياسة مشتركة، سعيا إلى دفاع مشترك، ضد خطر مشترك، فإن كان ذلك كذلك، فما هي يا ترى الأغراض المشتركة التي تصل فرنسا بمراكش، وتونس، وليبيا؟ وما هي الأخطار المشتركة التي تهدد هذه الأقطار جمعاء؟ ...
حسب المرء نظرة واحدة، ليدرك لأول وهلة أن الخطر الوحيد على المغرب العربي متجسم كله في السياسة الإجرامية العدوانية المنظمة ضد تونس والجزائر ومراكش؛ وما مشروع ميثاق البحر الابيض المتوسط إلا مرحلة من المراحل التي تدبرها فرنسا في مختلف ميادين السياسة العالمية، ولتتأكد فرنسا وغيرها من الدول الغربية أن ليبيا، وتونس، ومراكش، لن تشترك على الإطلاق في مثل هذا الميثاق قبل أن تحقق الجزائر مطامحها القومية من حرية،