المأساوي يقلب الموقف في الجزائر، الرجعيون ينتحرون سياسيا، المسلمون سيصوتون لجبهة التحرير الوطني، وتحت هذه العناوين المثيرة ورد ما يلي: في باريس كما في الجزائر، ينسبون إلى قلة من المحرضين الاضطرابات الإسلامية في العاصمة ووهران، ولكنهم يوجسون قلقا من النتائج التي قد تترتب على الدماء المهراقة إبانها، إن الشعب المسلم قد خرج على لامبالاته الظاهرية، بل إنه عبر بصورة لم يسبق لها مثيل عن طموحه العميق إلى السلام، والولاء الذي يكنه لحركة التمرد.
لقد بات لزاما علينا أن نصرف النظر عن الدعاوة الرسمية التي باتت ترهق حتى الذين يفرزونها (بهمة) بقدر ما ترهق الذين توجه إليهم، وبات كثير من الفرنسيين يعتقدون بعدم جدوى الأعمال الحربية، كما يعرفون كذب تلك الدعاوة القائلة بأن (المسلمين لا يؤيدون جبهة التحرير الوطني)، والذي يبدو أن هذا الاستنتاج الأخير هو ما يذهل الناس هنا، لقد قصوا عليهم خلال شهور وأعوام:(بأنه يجب عزل مجموعات المسلمين عن الانحرافات والجرائم التي تقوم بارتكابها عصابات من المتمردين لا يمثلون شيئا) ولكن الصور والشهادات التي التقطها بشجاعة مراسلو الإذاعات، وتم إرسالها قبل فرض الرقابة، وكذلك تعليقات رجال الصحافة مجمعة على أنه يوم يستشار المسلمون بحرية، فإنهم جميعا سيصوتون للاستقلال، ولا يقتضي إدراك هذا أن يكون المرء فقيها كبيرا، ولكن، وكما أسلفنا، فإن دعاوة جاهلة بالحقيقة عن سوء نية، أو ميل مرضي للأوهام، قد كونت على هواها ذهنية الفرنسيين الذين يكتشفون اليوم، بذهول، ما له اسم: الحقيقة الوطنية