ولكن جميع تقديرات المستعمرين قد خابت؛ فقد كان الغرض من المفاوضات التي أجريت على حدة، هو خداع بعض زعماء البلدين الشقيقين، أو إغرائهم ودفعهم إلى التخلي عن علم أو عن جهل، عن الميدان الحقيقي للكفاح الثوري، والوصول بهذا الكفاح حتى نهايته. ويمتاز الوضع السياسي في (شمال أفريقيا) باندماج القضية الجزائرية في القضية المغربية وفي القضية التونسية، بحيث تشكل القضايا الثلاث قضية واحدة.
والواقع أن استقلال المغرب وتونس من غير استقلال الجزائر هو مجرد عبث (لغو) لا قيمة له؛ فالتونسيون والمغاربة لم ينسوا أن فتح فرنسا بلادهم قد جاء في أعقاب فتح الجزائر، وقد أصبحت شعوب المغرب العربي الآن مقتنعة بعد التجربة بأن الكفاح المشتت ضد عدو مشترك ليس له مآل غير الهزيمة للجميع، لأن كل واحد يمكن قهره على حدة، وإنه لخطأ فاحش وضلال بعيد أن يعتقد أحد أن باستطاعة المغرب وتونس التمتع باستقلال حقيقي إذا ما بقيت الجزائر رازحة تحت نير الاستعمار.
فإن الساسة الاستعماريين، الخبراء في الغش الديبلوماسي، الذين يأخذون بيد ما يعطونه باليد الاخرى لا يفوتهم أن يفكروا في إعادة فتح هذين البلدين بمجرد ما تظهر لهم ظروف دولية مواتية، بيد أنه من - الأمور الهامة جدا، أن الزعماء المغاربة والتونسيين قد شرعوا يعبرون في تصريحاتهم المتكررة عن وجهات نظر تلتقي بوجهة نظر جبهة التحرير الوطني.
ب - سياسة الحكومة (الفرنسية) في الجزائر
ما لبثت الحكومة (الفرنسية) ذات الرياسة الاشتراكية، أن