رجعت في السادس من شباط - فبراير - ١٩٥٦ وبعد المظاهرة الاستعمارية في الجزائر، عن الوعود التي وعدت بها (الجبهة الجمهورية) قبل الانتخابات من إعادة السلم إلى الجزائر عن طريق المفاوضات، وإرجاع الجنود - الفرنسيين - إلى منازلهم، وتحطيم الاقطاعيات المالية والإدارية، والإفراج عن المعتقلين السياسيين وإغلاق المحتشدات.
ولئن كان (منديس فرانس) يمثل في الحكومة - قبل استقالته - النزعة الراغبة في المفاوضة، ضد النزعة المعارضة الذي يمثلها
(بورجيس مونوري) و (لاكوست) من دعاة القوة والحقد، فإن سياسة (لاكوست) هي التي أصبحت تحظى بالإجماع، إنها سياسة الحرب العوان ضد الشعب الجزائري عن طريق محاولة فصل الثورة عن الشعب بالمحق والإبادة، وهي محاولة باتت ضربا من الوهم والخيال.
ولا يمكن أن يقع أي خلاف أمام هذا الهدف الذي وافقت عليه الحكومة بإجماع إلا إذا أخفقت سياسة الإبادة هذه التي تدعى (سياسة التهدئة)؛ إنه لجلي واضح أن الأهداف السياسية التي أعلنها (غي مولي) من جديد ليس الغرض منها إلا ستر المشروع الحقيقي الذي هو القضاء على جميع قوانا الحية قضاء مبرما. فالحملة العسكرية المدفوعة بحملة سياسية هي معرضة لا محالا للفشل الذريع.
لقد ظل (الاعتراف بالشخصية الجزائرية) قولا مبهما لا ينطوي على معنى حقيقي ملموس دقيق، والحل السياسي الذي اعلن باختصار لم يكن قائما إلا على مبدأين اثنين: مشاورة الجزائريين