ظل الباب مفتوحا أمام تونس والمغرب لممارسة دور من شأنه خلق الأوضاع المناسبة لقيام مفاوضات مباشرة بين جبهة التحرير وفرنسا، ولما كانت الدولتان قد اقلفتهما الأوضاع السائدة على حدودهما مع الجزائر، فقد اتفقتا على القيام بجهد مشترك للوصول إلى تسوية سلمية، واجتمع الرئيس (الحبيب بورقيبة) والملك (محمد الخامس) في الرباط، في أواخر شهر تشرين الثاني - نوفمبر - بحضور مراقبين عن جبهة التحرير الوطني، وقد اقترحت الحكومتان البدء بمفاوضات (تؤدي إلى حل عادل يضمن إقامة سيادة الشعب الجزائري على أسس راسخة تتفق مع مبادىء ميثاق الأمم المتحدة)، وعرضا وساطتهما لتحقيق هذه الغاية. وسارعت جبهة التحرير إلى إعلان قبولها لعرض الوساطة من جارتيها، معلنة بدورها، أنها ترى أن السيادة تعني الاستقلال، لكن الحكومة الفرنسية رفضت العرض قائلة أن تونس والمغرب ليستا محايدتين في الصراع، وأدى فشل الوساطة التونسية - المغربية إلى بقاء الأمم المتحدة المرجع الوحيد لجهود جبهة التحرير. وكانت المجموعة الأفريقية - الآسيوية قد طلبت في السابع عشر من تموز - يوليو - إدراج (القضية الجزائرية) على جدول أعمال الدورة الثانية عشرة للجمعية العامة للأمم المتحدة، وطلبت الجبهة في أواسط شهر أيلول - سبتمبر - من الأمم المتحدة أن تعلن (إفلاس فرنسا السياسي) في الجزائر، وأعربت الجهة في مذكرة ثانية قدمتها إلى الأمم المتحدة في مطلع شهر تشرين الأول - أكتوبر - عن رغبتها في (التعاون المطلق) مع الأمم المتحدة، وأشارت إلى أن أية تسوية سلمية، يجب أن يتم الوصول إليها عن طريق التفاوض بين جبهة التحرير وفرنسا، وأن اشتراك تونس والمغرب ضروري في مثل هذه