لقد طبت منظمة الأمم المتحدة في دورتها العادية الأخيرة - مستعملة أساليبها المحدودة - من الحكومة الفرنسية أن تبحث عن حل سلمي ديموقراطي عادل للمشكلة الجزائرية في إطار مبادىء ميثاق هيئة الأمم المتحدة.
إن (جبهة التحرير الوطني) الوفية للروح الأممية والتحريرية لميثاق الأمم المتحدة قد استجابت لهذا النداء، باعتبار أن الاستقلال الوطني هو من الأهداف الأساسية لحزب جبهة التحرير الوطني، وهو أيضا ما يؤكده ميثاق الأمم المتحدة كحق لكل الشعوب، الأمر الذي دفع الجبهة إلى الإسراع في إبلاغ هيئة الأمم المتحدة باستعدادها للتفاوض، لكن الحكومات الفرنسية رفضت إعطاء الأهمية والاستعداد لتنفيذ مثل هذه التوصية؛ لأنها تعلم أن النتائج السياسية لذلك هي القضاء على النظام الاستعماري، والتعجيل باستقلال الجزائر، وإن فرنسا وهي تسعى إلى إقناع الأمم المتحدة، تريد فرض الحل العسكري بانتصار قواتها، وهو ما جعلها تنتظر الربع ساعة الأخيرة (يوم ١٨ كانون الأول - ديسبر - ١٩٥٧) لتحديد السياسة التي تريد تطبيقها، والمتمثلة في قانون الملاك (لوا - كادر) غير أن عدم جدية هذه السياسة وتناقضاتها الداخلية قد خدعت الرأي العام الفرنسي وكذلك الرأي العام الدولي، والأكثر من هذا، هو أن قانون (لوا - كادر) هذا الذي يعود تاريخه إلى ما قبل تشريع (١٩٤٧) وقانون (١٩١٩) والنصوص التشريعية لسنة (١٩٠٠) التي تتعلق بالاستقلال المالي للجزائر التي رفضها البرلمان الفرنسي، مما سبب مشاكل داخل الوزارة الفرنسية لا تزال قائمة حتى الآن.