ومكائده، وتبرهن للملأ أجمع أن العروبة لا تباد، وإن عناصر الوجود العربي لا تقوى عليها قوى الشر، مهما أملت لها الظروف والأحوال، وها هي شهادة الأصالة العربية، تملأ عين التاريخ، ثورة لن يقر لها قرار حتى تطيح بآخر آثار الاستعمار في بلاد العرب.
ففي الوقت الذي تجرؤ فرنسا فيه على إعلان حقوقها الزائفة في أرض الجزائر، زاعمة للأمم المتحدة بلا خجل ولا حياء، إن قضية الجزائر قضية فرنسية داخلية، في هذا الوقت وبينما نقيم للجزائر في هذه المدينة يوما مشهودا، يجب أن نذكر إخواننا العرب الأحرار في هذا القطر المجاهد، لنذكر بهم تاريخنا العظيم، تاريخ الوليد وعبد الملك، عندما بعثت دمشق طارق بن زياد إلى الأندلس لنشر الرسالة العربية في ظلام القرون الوسطى، وكان طارق من أبناء ذلك الشمال الأفريقي، كما كان ذلك الإقليم الحافل بمآثر المجد العربي، جزءا من جسم الدولة العربية وروحها. لنذكر بذلك فتوح العرب ومجد أبطالهم وعز دولتهم فيعلم الأقربون والأبعدون، أن قضية الجزائر هي قضية قومية عربية، حدودها حدودنا، ونضالها نضالنا، ومصيرها مصيرنا، إنها قضيتنا الداخلة نحن العرب، والفرنسيون مجرد معتدين غاصبين.
لطالما قلت لكم، أيها الأصدقاء، في مناسبات شتى، أن الاستعمار في أفوله وزواله طفق يؤلف جبهة واحدة متراصة لمقاومة الأماني العربية، وتعطيل عجلة التقدم والتحرر العربي، وقد ظهر للعرب بجلاء في جميع ديارهم أن كارثتهم في الجزائر، وكارثتهم في فلسطين من صنع الجبهة الاستعمارية الموحدة التي أيقنت بأن العربي في طريقه المحتوم إلى الحرية والسيادة والعزة، فراحت تفتح في صدره الجراح، وتعدد له جبهات القتال لتشل حركته وتؤخر