الجزائر الإبقاء على جريمة سنة (١٨٣٠)، والمحافظة على سيطرتهم. إن هذا الوقت قد مضى وانقفضى، ولم يعد لأية أمة مهما بلغت قوتها أن تفرض قانونها على أمة أخرى، وهذا يعني أن القوة ستبقى عاجزة أمام إرادة الجزائريين الجماعية. في بناء وطنهم وفي الاتصال من جديد بتاريخهم، وهذا يعني أيضا أنه لن يضع السلاح إلا عندما يعترف بحقوقه كشعب له سيادته. إن الجزائر في هذا الكفاح لم تعد وحدها، وعلى المسؤولين الفرنسيين أن يفكروا بأن هناك خلفنا تونس والمغرب اللذين ارتبط مصيرهما بمصيرنا عبر العصور، ومن المنطقي أن تكون الجزائر جزءا لا يتجزأ من المغرب العربي، وأن تبني مع هذين البلدين اتحاد أفريقيا؛ فندوة (طنجة) أصبحت تاريخية، والحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، ستبقى وفية لروح هذه الندوة، لأنها مقتنعة كل الاقتناع أنها الحل الوحيد لتقديم حلول ملائمة للقضايا المطروحة علينا، فهي تفتح أمامنا آفاقا على مستوى العالم العصري.
وهناك أيضا التراث الرائع للحضارة العربية - الإسلامية، فالشعب الجزائري المتعلق بحضارته ينتمي إلى الوطن العربي، فهذا الوطن واحد، ومن الخطأ السياسي محاولة تقسيمه؛ فلا يمكن أن نؤكد الصداقة للعرب في تونس وفي الرباط وفي بيروت،
وأن نضربهم في الجزائر أو في القاهرة أو في بغداد، فالتضامن العربي ليس كلمة جوفاء، فبفضل التضامن الفعال لهذه الشعوب الشقيقة وحكوماتها، أصبح الشعب الجزائري قريبا من بلوغ هدفه، وإذا كانت هناك حاجة للاعتراف بالشكر فيما بين الأشقاء، فإن الشعب الجزائري يعترف بجميل الشعوب العربية عرفانا كبيرا.