وأوقفته. وكذلك الأمر بالنسبة للجناح الشرقي الذي تعرض لهجوم فرنسان المسلمين وكاد يسقط بدوره لولا دعم القوات البحرية. ولهذا أعادت القيادة الإسبانية تنظيم مواقعها على عمق جبهة لا يتجاوز الخمسمائة متر. واستمر الإسبانيون في المقاومة ضمن هذه المنطقة الخطرة. وكانوا يتلقون ضربات محكمة لا يعرفون مصدرها فيتساقط منهم الجنود صرعى. وكانت كل رمية بندقية يقذفها المسلمون تصيب مقتلا من جند الإسبانيين بسبب ضيق المكان واكتظاظه بالمقاتلين. وزاد الأمر سوءا - بالنسبة للإسبانيين - نتيجة الرمايات المحكمة التي كانت تطلقها بطارية (وادي خنيس) وهي البطارية التي لم تتمكن السفينة (القديس شارل) من تدميرها. فأحدثت رمايات بطارية المسلمين خسائر فادحة في القوات الإسبانية. وزادت خسائر الإسبانيين. فامتلأت القوارب بالجرحى الذين كان يتم نقلهم إلى مركز الأسطول، حيث تجرى لهم الإسعافات الأولية في السفن الحربية، لينقلوا بعدها إلى أحد السفن الثمانية التي حولت إلى (مستشفيات بحرية) وأدرك القائد العام للحملة بعد مضي ساعات فقط أنه من المحال أمام هذه المقاومة الضارية إحراز أي نجاح أو أي تقدم. فقرر الاسحاب بقواته فورا، وأصدر أوامره إلى سفن الأسطول الإسباني بالتجمع تحت حماية مدفعية الأسطول. وأخذت بعض الفرق في الانسحاب فورا ومعها بعض قطع المدفعية.
بدأ المجاهدون المسلمون هجومهم الليلي - بعد أداء صلاة المغرب مباشرة - من ليل ٨ - ٩ تموز - يوليو - وهطلت أمطار غزيرة زادت من صعوبة القتال، وشعر المجاهدون بمحاولات العدو للانسحاب فقطعوا عليها طريق انسحابها مرات عديدة، وأنزلوا فيها خسائر فادحة، فيما كانت المدفعية تقصف مواقع الإسبانيين دون هوادة،