للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القوات الصليبية لقواعدها الساحلية، وقد أمكن تحرير هذه القواعد وإحباط أعمال العدوان. ومن هنا فقد كان من المحال على الجزائر، التوقف دائما عند حدود انتظار وقوع العدوان لإحباطه، ولقد أثارت مصادر كثيرة بصورة غير واضحة في بعض الأحيان وبصورة واضحة تماما في أحيان أخرى (كما كانت عليه عمليات الإخوة ذوي اللحى الشقراء بربروس) إلى أن التصدي لسفن الأعداء واستنزاف قدراتهم البحرية، والإغارة على المدن الساحلية للإفرنج الصليبيين لم تكن إلا حربا دفاعية - أكثر منها انتقامية - أو في أفضل الاحتمالات دفاعية انتقامية. وإذا ما تطورت هذه الأعمال إلى ما يطلق عليه اسم (القرصنة) فذلك بنتيجة روح العصر التي جاءت من الدول الغربية البحرية، ووجد فيها المسلمون أداة دفامعية متقدمة تدعم أساليبهم في (دفاعهم الاستراتيجي) ويؤكد جدول مسيرة الأحداث في إطارها الزمني هذه الحقيقة بما لا يدع مجالا للشك أو الريبة.

٥ - لقد أدى اتساع أفق الصراع، واتصال الأعمال القتالية، إلى حقيقتين برزتا خلال معظم الأعمال القتالية للقوات الجزائرية. أولاهما: تكوين خبرات قتالية رائعة على كافة المستويات، وثانيتهما الاستعداد الدائم للقتال. وقد برزت أهمية الخبرات القتالية في مناسبات كثيرة، وكان لها الدور الأساسي والحاسم في (حوار الإرادات المتصارعة) حيث خرجت الإرادة الجزائرية وهي منتصرة باستمرار نتيجة ثقتها (بحتمية النصر) وإيمانها المطلق بعدالة قضيتها ومعرفتها الثابتة بما يتوافر لها من القدرات والإمكانات. وكان الاستعداد الدائم للقتال هو الذي أحبط الأعمال العدوانية فوق المياه الإقليمية للجزائر، وهو الذي دمر أطماع الصليبيين فوق رمال الجزائر وصخورها. ولا حاجة بعد ذلك لربط هذين العاملين - المبدأين -

<<  <  ج: ص:  >  >>