وقصفت المدينة في كانون الأول - ديسمبر ١٨٢٠، وأرغمت الإمام على التوقيع على معاهدة سلام، وعلى احترام حقوق المقيم الإنكليزي فيها، ممثل شركة الهند، في (١٥ كانون الثاني - يناير - ١٨٢١). ويذكر هنا أن بلاد المشرق الإسلامي كانت تتعرض في تلك الفترة لموجات من الجواسيس الذين يحملون واجهات علمية، بهدف التمهيد لتنفيذ المخططات الاستعمارية ومنهم على سبيل المثال (عالم الأثنوبولوجيا والرحالة ج. ل. بوركاردت ١٧٨٤ - ١٨١٩) والذي كان يجتاز الجزيرة العربية في ثياب حاج مسلم تحت اسم الشيخ إبراهيم، فأوقفه (محمد علي باشا والي مصر) في الطائف سنة ١٨١٤م باعتباره جاسوسا إنكليزيا. وقد استجوبه والي مصر طويلا حول السودان والنوبة وبلاد الحبشة. وقد أثارت المعلومات التي حصل عليها محمد علي اهتمامه، وأخذ في التحدث عن مشروع لغزو - الحبشة، مما أزعج بريطانيا، فبعثت بسفيرها لمقابلة محمد علي والتحدث إليه، وفي ٢٠ تشرين الثاني - نوفمبر - ١٨٢٠، أرسل السفير الإنكليزي (سالت) نتائح مقابلته مع محمد علي باشا في تقرير، تضمن ما يلي:
(اغتنمت الفرصة لأعلن له بلهجة حازمة، بأن مشروع غزو الحبشة قد سبب لي بالفعل ألما حقيقيا لأنني متأكد من أنه سوف لا يروق للحكومة البريطانية، إذ أننا نعتبر أن الحبشة واقعة تحت حمايتنا. ولقد لفت نظره إلى أن الحبشة هي البلد الوحيد في أفريقيا الذي احتفظ بالدين المسيحي، وإلى أنها صمدت صمودا مظفرا خلال أجيال أمام هجمات المسلمين، وإلى أنه لا ينبغي لأحد أن يتوقع من أوروبا عامة، ومن إنكلترا خاصة، أن تنظر بعدم المبالاة إلى هذا البلد إذا ما تعرض للهجوم. وقد التزمت أنا شخصيا بزيارة