للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما دام قد حصن الواجهة البحرية، فإنه لا خوف من عواقب الحملة. ومن جهة أخرى، كان لا يزال على الاعتقاد بأن الإفرنسيين لن يتخلوا عن فكرة التفاوض، على الرغم من استعداداتهم للحملة، وكان يساعده على اعتقاده هذا كثرة الرسل والبعثات التي جاءت طالبة التفاوض منذ إعلان الحصار. وكان الباشا يعتمد أيضا على مساعدات بريطانيا، التي كان قنصلها، بالإضافة إلى قنصل نابولي، يقوم بنشاط ملحوظ منذ عام ١٨٢٧ م وكانت مصالح بريطانيا تقتضي استمرار الإدارة الحالية في الجزائر، على نحو ما كانت تقتفيه مصالحها في المشرق. وحين كتب محمد علي ناصحا الباشا، رد عليه (بأن يبيع الفول للمسيحيين بدل إعطائه النصائح بدون جدوى). وكان حسين باشا قد بعث برسله للتجسس على أخبار الإفرنسيين في إيطاليا وإسبانيا ومرسيليا وطولون وباريس وجبل طارق ومالطا. وحين جاءته هذه الرسل تنذره بأن فرنسا تستعد للقيام بحملة ضده، اعتقد أن ذلك لن يتعدى غارة بحرية ستفشل لا محالة. وعين والي الجزائر (حسين باشا) صهره (الآغا إبراهيم) لقيادة جيش الجزائر، منذ ضرب السفينة الإفرنسية لابروفانس في ٣ آب - أغسطس - ١٨٢٩ م، وسلمت له عندئذ خطة الإفرنسيين للهجوم على الجزائر ومكان إنزال قواتهم وعدد جنودهم ومدافعهم. ومع ذلك لم يستعد لأي شيء وكان يدعي أن قبائل الجزائريين سترغم الإفرنسيين على الفرار منذ نزولهم إلى البر. ولكنه لم يصدر تعليماته أو أوامره لهؤلاء المقاتلين الجزائريين أن يأتوا من بواديهم لمواجهة العدوان. فكان كل جيشه مكونا من أهالي سهل متيجة الذين لا يعرفون سوى بيع الحليب. وكان إبراهيم يدعى أن لديه (٥) آلاف لص سيطلقهم ليلا للهجوم على معسكر العدو، وإشاعة

<<  <  ج: ص:  >  >>