للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسبب الضغط المتعاظم للقوات الإفرنسية التي أفادت من تفوقها فانطلقت كالسيل مجتاحة في طريقها معسكر (مصطفى والي) الذي تركه المقاتلون وهم يفرون في كل اتجاه ليقع جميعه غنيمة باردة في قبضة الإفرنسيين. وهرب (الآغا إبراهيم) من الميدان مخلفا وراءه جيشه وخيامه وأعلامه والفرقة الموسيقية. واختفى في دار ريفية مع بعض خدمه. وبدل أن يعزله (حسين باشا) فورا ويعين قائدا تتوافر له الكفاءة والقدرة لإعادة الروح المعنوية المنهارة، ومواجهة قوات العدو، أرسل إلى صهره (حمدان خوجة) الذي كان موضع ثقته ليحاول إقناعه بضرورة استلام القيادة من جديد، وقد وجده (خوجة) في حالة انهيار تام، فلم يتمكن من إقناعه لمتابعة تنفيذ مهمته إلا بعد جهد كبير. غير أن (الآغا إبراهيم) لم يتمكن من تنفيذ واجباته، فعندما تقدم الجيش الإفرنسي من (اسطاوالي) مارا (بسيدي خلف) اختفى إبراهيم من جديد.

وأمام ذلك، عزله (حسين باشا) ودعا المفتي (محمد العنابي) وأعطاه سيفا وأمره بجمع الشعب وإقناع الناس بالجهاد دفاعا عن البلاد. وكان المفتي رجلا فاضلا ولكنه كان صالحا للافتاء لا للقيادة. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فقط أحاط الناس - رجال الحضر - بالمفتي، وحاولوا إقناعه بعقم محاولات الدفاع عن موقف بات الأمل ضعيفا في إنقاذه. لا سيما وأن قوات الإفرنسيين قد أخدت في الاقتراب من (قلعة مولاي حسن - المعروفة باسم قلعة الإمبراطور) مما زاد الموقف اضطرابا وجعل الأمل بنجاح المقاومة أكثر بعدا. أما قيادة الجيش فقد تولاها (الباي مصطفى بومزراق). ولكن تغيير القيادة لم يعد مجديا أو مثمرا، هذا على الرغم مما تميز

<<  <  ج: ص:  >  >>