للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدثت ثغرات في الجدران ودمرت قواعد القلعة، وقتل القسم الأكبر من أفراد الحامية، ونفدت جميع المؤن والأسلحة، ولم يبق إلا ثلاثة مقاتلين خافوا أن تحتل القوات الإفرنسية قلعتهم وتستخدمها ضد المواطنين الجزائريين في المدينة والقصبة، فأوقدوا النار في مستودعات البارود، فدك البرج وتهادى على الأرض، وهلك خلق كثير. وأدى ذلك إلى مزيد من الهياج والاضطراب، إذ عرف الناس أنه لم يعد هناك ما يحميهم من اجتياح الإفرنسيين.

أخذت روح الهزيمة في الهيمنة بسرعة على الأاجهزة الإدارية والاجتماعية، وكان للبيان الذي وزعه الإفرنسيون دوره في الترويج للهزيمة بين أوساط من يطلقون على أنفسهم عادة اسم (المعتدلين) والذين اقتنعوا بأن الإفرنسيين قد جاؤوا حقا كمحررين للجزائريين من سيطرة الأتراك العثمانيين. وكانوا يعتقدون أن (فرنسا المتحضرة) لا يمكن أن تعد بشيء إلا إذا كانت مستعدة لتنفيذه. فأصبح هؤلاء من أنصار (الحل السلمي). ونجح البيان الإفرنسي بذلك من (شل القدرة القتالية) لدى بعض الجزائريين، على الرغم من أن هذا البيان قد صيغ بأسلوب غامض، وبطريقة دعائية (إعلامية). المهم في الأمر، هو أن هذه الروح الانهزامية دفعت مجموعة من ممثلي التجار وأصحاب الأموال للاجتماع في قلعة (باب البحرية) يوم ٢ تموز (يوليو). وقرروا أن ضياع المدينة أصبح أمرا محتما. وأنه إذا ما دخلها الإفرنسيون عنوة فإنهم سيستبيحونها، وسينهبون ثرواتها ويعتدون على النساء ويقتلون الأطفال، ورأوا تفاديا لذلك، عدم مقاومة الجيش الإفرنسي عند دخول المدينة، وأرسلوا وفدا عنهم إلى القصبة لمقابلة الباشا، واطلاعه على ما اتفقوا عليه. وأجابهم الباشا عند مقابلته لهم: (بأنني سأقاوم ما دمت

<<  <  ج: ص:  >  >>