للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجزائر. ولقد أراد بهذه الطريقة، وبما عرف عنه من أساليب رقيقة، اكتساب ثقة المواطنين العرب ومحبتهم، واعتقد أنه يستطيع بذلك إقامة علاقات مع العرب المقيمين في الجبال والسهول المحيطة بالمدينة. وانطلق الماريشال لهذه الزيارة ومعه هيئة أركانه وقوة (١٢٠٠) جندي من المشاة، ومئات الفرسان (الخيالة) ومدفعي ميدان. وكان سيندم حتما لو لم يصطحب معه هذه القوة لحراسته لمجابهة المبادرة التي استقبله بها سكان (بليدا) وما يجاورها. إذ تظاهر سكان (بليدا) باستقباله استقبالا حسنا، وعامله أهل القرى معاملة حسنة، لكنه ما أن بدأ رحلة العودة إلى الجزائر، حتى انقض عليه آلاف العرب ورجال القبائل، وأرغموه على التوقف وشق طريقه في ست مرات متتالية، والقتال قتالا تراجعيا طوال الرحلة. وفقد أثناء هذه الاشتباكات أحد معاونيه، وعددا من ضباطه والمئات من رجاله في هذه المحاولة العقيمة لكسب ثقة الرجال المعتصمين في صياصي جبالهم وأعاليها. والذين رفضوا عبر التاريخ الخضوع لأية أمة. مما يؤكد أنه من المحال إقامة علاقات بين المسلمين والمسيحيين؟ وقد يكون من الصعب الآن معرفة نوايا الإفرنسيين تجاه الجزائر بحسب ما يقع تحت أبصارنا ففي حين يظهر الإفرنسيون وهم في عجلة من أمرهم عند نقل الغنائم والكنوز والثروات والمدافع إلى فرنسا مما يشير إلى احتمال عودتهم سريعا إلى بلادهم، فإنهم يشقون الطرق العريضة والمستقيمة، وينظمون الساحات العامة والمسارح والملاهي الخ ... مما يحمل على الاعتقاد بأن إقامة الفاتحين ستستمر طويلا في هذه البلاد).

لم تكن هذه المقاومة إلا رد فعل أولي تجاه الأعمال الوحشية للغزاة البرابرة والتي وصفها مؤرخ فرنسي بقوله: (لم تعرف مدينة

<<  <  ج: ص:  >  >>