لعوامل كثيرة من استخدامها فقد استخدموا أسلوب (الصمت القاتل) كتعبير ثابت عن الغضب والرفض لهذا الواقع الذي فرضته قوة الاستعمار البربرية (وكلمة البربرية هنا تعبير عن الوحشية ورد على الأسلوب الذي استخدمه غلاة الاستعمار ودهاقنته في وصف المقاومة العربية الإسلامية). وقد أخذت المقاومة منذ البداية، على ما هو واضح، اتجاهان متباينة، واتبعت أساليب مختلفة. فكان منها مقاومة التجار والعلماء وزعماء المدن، وكان منها مقاومة شعبية دينية قادها المرابطون. ورؤساء القبائل تحت راية (الجهاد في سبيل الله) والدفاع (عن الأعراض والمحرمات والأرض والشرف والوطن). وكان منها أيضا مقاومة تندرج تحت (راية الجهاد في سبيل الله) أيضا غير أنها تجد لها حوافزها (الخصوصية) وتمثلها فئة النزوع إلى العهد التركي الإسلامي. وقد حاولت السلطة الاستعمارية إضعاف المقاومة عن طريق مهاجمة (الوحدة الدينية للمسلمين) واتهام المسلمين بالتعصب في إطار دفعهم للاتجاه الذي تريده فرنسا الاستعمارية وترضى عنه على أنه (لا تعصب). وضمن هذا الإطار حاولت تفسير مقاومة معلمي الجزائر أحيانا بأنها نتيجة تعصب المسلمين ضد اليهود (سادة المجتمع الجزائري الجدد تحت حماية الاستعمار) وأحيانا أخرى بأنها (نزوع إلى عودة الحكم الإسلامي) ممثلا (بحكم الأتراك العثمانيين). ويمكن التوقف قليلا عند التفسير الإفرنسي لظاهرة المقاومة.
لقد انهارت المقاومة الرسمية في الجزائر خلال عشرين يوما اعتبارا من بداية العدوان، غير أن هذا الانهيار كان هو البداية لشكلين من أشكال المقاومة المسلحة. الشكل الأول هو الذي تولى قيادته الحكام الرسميون (ويمثلهم الحاج أحمد باي قسنطينة الذي