كان لا يفعل شيئا إلا باستشارته. وبذلك حصل على امتيازات كبيرة له ولطائفته. وهكذا أبرز الإفرنسيون الجالية اليهودية ودعموها على حساب العرب المسلمين، على الرغم من إقرار الإدارة الإفرنسية بغدر هذه الطائفة وتنكرها للجميل. إذ أكدوا في مرات كثيرة استعدادهم لبيع الجيش الإفرنسي في سبيل مصالحهم، وأصبحوا مرابين ومورطين غير أوفياء بالعهود - كعادتهم -. ويذكر أن اليهود اتهموا امرأة أحد الأتراك بإخفاء السلاح في بيتها، حتى إذا ما تبين للإفرنسيين كذب هذا الاتهام، عاد اليهود إليها وطلبوا منها دفع (٦٠٠) قطعة ذهبية حتى لا تتعرض للمعاملة السيئة، فأعطتهم ما يريدون وشكت أمرها إلى الإفرنسيين فتم اعتقال اليهود وسجنوا.
وفي اليوم الأول من الاحتلال اتصل (بكري) بالأتراك، وحذرهم من الخطر الذي يتهددهم، ووعدهم بالحماية مقابل أن يدفعوا له مبالغ حددها لهم. كما اتصل بقومه ووعدهم أن الإفرنسيين لن يفعلوا شيئا بدون موافقته. وكان يطمح إلى أن يكون رئيس الطائفة اليهودية - كما كان زمن الإدارة العثمانية -. واتصل أيضا بمحافظي الشرطة وطلب منهم تسليم كل القضايا الخاصة باليهود إليه، وقد فعل ذلك بدون علم الهيئة المركزية (المجلس البلدي) ورئيس الشرطة. وقد أفاد اليهود من دعم الإفرنسيين لهم، فعملوا على تهجير كثير من أغنياء العرب من المدينة، وقد تدخل أعضاء الهيئة المركزية لدى رئيس الشرطة لمنع هجرة العائلات الغنية من المدينة.
وهناك من يذهب إلى أن ثورة العرب ضد الإفرنسيين - حتى في الأرياف - كانت تعود إلى النفوذ الذي أصبح عليه اليهود في الإدارة الجديدة. غير أن الأمثولات السابقة ذاتها، ومسيرة الأحداث التالية، تؤكدان أن الغضب على اليهود، وتسلطهم، إنما يعود لمبدأ