الاحتلال ذاته والذي أخل بتكوين المجتمع العربي الإسلامي وذلك باعتماده على أقلية عميلة (أوليغاركية) اسهمت بتنفيذ المخطط الاستعماري الذي كان من أعماله، انتزاع التجارة من قبضة أبناء البلاد واحتلال المنازل والمساجد والأملاك الخاصة والاعتداء على الأعراض وغير ذلك من انتهاك للمحرمات التي دفعت حتى تلك الفئة من (المعتدلين) والتي اعتقدت في البداية أنه بالمستطاع التعايش مع المستعمرين في بعض الحدود، دفعت تلك الفئة للتنكر للاستعمار والانضمام إلى صفوف المقاومة ومنظماتها.
أما بالنسبة لعلاقة الجزائر بالأتراك العثمانيين (من حيث مزاعم الإفرنسيين بعمل الجزائر لإعادة الحكم الإسلامي) فما هي إلا محاولة عرفها الجزائريون قبل سواهم من كل شعوب العالم العربي - الإسلامي. وهدفها دفع الجزائر للتهرب من (الحكم الإسلامي) على اعتبار أن كل ما ينزل بالجزائر هو بسبب تمسكها بالحكم الإسلامي، ولم تكن عملية الهجوم الشامل على الدين الإسلامي فكرا، وعبادة، ومقدسات أكثر من أداة لتحطيم مواقع الصمود الجزائرية. فكان رد الفعل الطبيعي هو المزيد من الإصرار العنيد على التمسك بالإسلام والالتزام بشريعته. أما بالنسبة لطبيعة العلاقة مع الإمبراطورية التركية - العثمانية، فلا مجال للحديث عنها هنا، غير أنه بالمستطاع القول أن هذه العلاقة ما كانت في يوم من الأيام أكثر من (تحالف مقدس) ضد (تحالف صليبي) حيث جمع الجهاد بين مسلمي الجزائر ومسلمي الأتراك. وقد كان في الجزائر، يوم وقع العدوان وفقا لما سبق ذكره، ستة آلاف تركي، قتل منهم ألف وخمسمائة وبقي (٣٥٠٠) من العزاب وألف من المتزوجين (آباء الكراغلة). وهذا العدد لا يشكل في كل الأحوال قوة احتلال