القادر) تنفيذ عملية ضد هذه القلعة ووضع الخطة وأشرف على تنفيذها، فقاد قواته من المشاة والفرسان حتى وصل بها إلى أسفل القلعة ذاتها، وزج بجنود المشاة في الخنادق وكلفهم بمناوشة الحامية الإفرنسية المدافعة عن القلعة. ثم قاد قوة الفرسان ووضعها في موقع مناسب يتحكم بالطريق المؤدي إلى القلعة، وذلك لعزلها، ومنع أي تسلل قد يقوم به العدو. وكانت الكثافة النارية لأسلحة الإفرنسيين وقذائفهم كبيرة إلى درجة كافية لتمزيق أفضل الجيوش انضباطا وتدريبا. غير أن عبد القادر استطاع إثارة حماسة المجاهدين وهو يتجول بينهم، ويوجههم، وأمكن له بذلك التغلب على الصدمة النارية. وأثناء ذلك، نفدت ذخيرة المجاهدين في الخنادق - المشاة - وأحجم كل فرد عن التحرك لجلب الذخيرة. وشاهد ذلك (عبد القادر) فصاح بهم: (أيها الجبناء! أعطوني الخرطوش) ووضع الظروف في جناحي برنسه، وركب فرسه وعبر السهل كالسهم حتى وصل القلعة، فرمى بالخرطوش في الخندق. وحث رجاله على الثبات والاستمرار في الرمي. وعاد بدون أن يمسه أي أذى. وأحاطت (بعبد القادر) مناسبات كثيرة مليئة بالخطورة والمبادرة. استعمل فيها سيفه البكر للدفاع عن نفسه. وأدت شجاعته وفروسيته لا إلى الثناء عليه فقط، بل إلى الإعجاب المنقطع النظير به. وأخذ العرب ينظرون إليه بإكبار، ويحيطونه بهالة من التكريم، بعد أن أخذت شخصيته الوسيمة تندمج بشخصيته الشجاعة عندما كان يتقدم الصفوف دونما خوف من أذى، ليقتحم مواطن الخطر، فهو مرة يمر كالسهم من صفوف الرماة الأعداء. ومرة يطلق النار ويكتسح حربات البنادق بسيفه، وأخرى يقف بثبات عجيب والقنابل تتفجر من حوله وتحت قدميه. وأفادت العرب من هذه التجربة القتالية قدر إفادتها من تجاربها السابقة،