فعرفت أن هذا الهجوم المفكك ليس حربا. وأن كل جهودهم وتضحياتهم لن تكون مثمرة إلا إذا وجهتها إرادة واحدة تحت قيادة قائد مسؤول. وعقد مؤتمر كبير في مدينة (معسكر). ودعي (محيي الدين) الذي كان قد توجه إلى (قيطنة) لقضاء فترة قصيرة من الراحة، لحضور هذا الاجتماع. فلبى الدعوة وما كاد يصل ويترجل حتى تجمهر من حوله شيوخ المجاهدين وارتفعت الأصوات من كل مكان:(إلى متى يا محيي الدين ونحن بلا قائد؟ إلى متى وأنت واقف متفرج على حيرتنا؟ أنت يا من يكفي اسمه فقط أن يجمع كل القلوب لتشجيع القانط وردع الخبيث، وتدعيم وتماسك القضية المشتركة؟ لقد سقط أفضل فرساننا غما وفرقا؟ واستل شيوخ المرابطين سيوفهم ونادوه (اختر بين أن تكون سلطاننا أو أن تموت الآن ..).
كان الموقف مثيرا، غير أن شيخ المرابطين جابهه بثبات، فوقف يخاطب زعماء المرابطين بقوله:(تعرفون جميعكم أني رجل عبادة وتقوى. ويتطلب الحكم استخدام القوة والعنف وحتى سفك الدماء. ولكن ما دمتم تصرون على أن أكون سلطانكم فإني أقبل، ولكن أتنازل عن ذلك لصالح ابني عبد القادر). واستقبل الحضور هذا الحل المباغت بالموافقة. فقد كان عبد القادر معروفا لديهم. وتوجه فارس إلى (قيطنة) لإحضاره. وفي الصباح الباكر من اليوم التالي، الموافق ٢١ تشرين الثاني - نوفمبر - ١٨٣٢ م. دخل عبد القادر مدينة (معسكر). وقد غصت كل الشوارع والطرق المؤدية إلى المدينة بجموع المسلمين. وكان الرجال والنساء والأطفال يتبادلون التهاني في مظاهرة ترحيب بهجة بسلطانهم الجديد. وبعد إدخاله إلى (الرحبة) حيث كان المجلس منعقدا، أعلم عبد القادر بكل ما حدث. وفي هدوء، ودونما زهو، أجاب عبد القادر: (أن من واجبي