إطاعة أوامر والدي - أنا لها، أنا لها) وانفجرت حماسة الناس وصاحوا بصوت واحد:(الحياة والنصر لسلطاننا عبد القادر). وجلس السلطان الشاب للناس يتقبل بيعتهم، وكان أبوه أول من بايعه ولقبه (بناصر الدين). وعندما أزفت صلاة الظهر قام بالناس إماما، ثم خطب فيهم، وشرح لهم الأخطار المحيطة بهم، وما كاد ينهي حديثه حتى ارتفعت صيحات (الجهاد - الجهاد)(لبيك عبد القادر، فكلنا رهن إشارتك).
ذهب عبد القادر في اليوم التالي (٢٢ تشرين الثاني - نوفمبر) إلى وادي خصيبية الذي يبعد مسافة عشر دقائق عن (معسكر). حيث كان في انتظاره عشرة آلاف فارس عربي لاستقباله والترحيب به. وكانوا قد اصطفوا على شكل هلال، بحسب قبائلهم، حول خيمة ضخمة أقيمت وسط السهل. وكان جميع أهالي معسكر قد تجمعوا أيضا في المنطقة. وفي اللحظة التي بدأت فيها أشعة الشمس المائلة تنبسط على جبل (مسمط)، ظهر مركب عبد القادر. تتقدمه كوكبة من الفرسان حاملي (راية الجهاد) ثم تبع ذلك رؤساء بني عامر وبني مجاهر وبني يعقوب وبني عباس على صهوات خيولهم المندفعة، وهم يحملون سيوفهم اللامعة. ثم ظهر عبد القادر وهو يغطي كتفيه ببرنسه الأحمر، وممتطيا جواده الأسود، وكان رؤساء بني هاشم (قبيلته) يسيرون في مؤخرة الموكب العظيم. وعندما وصل عبد القادر إلى (الخيمة) ترجل، واختفى عن الأنظار دقائق قليلة، ثم خرج وأبوه محيي الدين يمسك بيده ليقدمه إلى الشعب:(انظروا - هذا هو السلطان الذي أعلنته النبوءة! هذا هو ابن الزهراء! أطيعوه كما لو كنتم تطيعوني! فليحفظ الله السلطان) وردد الناس: حياتنا وأملاكنا وكل ما عندنا له، لن نطيع قانونا غير قانون سلطاننا عبد القادر وأجاب عبد القادر: وأنا