فوق رؤوسهم. وعندما شعروا بذلك سارعوا إلى عرض طاعتهم. والواقع أنه منذ هذا الوقت كان باستطاعتي دائما أن أفاجئهم بفرساني غير النظاميين (القوميين - أو القوم). وإذا لم أتمكن من حمل خيامهم معي فقد كنت على الأقل أسوق مواشيهم. وكانت العقوبات القاسية التي طبقتها على بعض القبائل النائية قد جعلت البقية تدرك بسرعة أنه لا أمل في الهروب مني. وهكذا انتهى الأمر بالجميع إلى الخضوع لسلطتي، ودفع العشور والزكاة بانتظام. بل لقد كان من عادتي أن أرسل من يحصي مواشيهم دون أن ينسبوا بكلمة واحدة). وكان الأمير عبد القادر يشرف على كل الأعمال برقابة شخصية مستمرة. وقد وصف السيد (دي فرانس) الذي كان أحد المساجين عندما كانت تلك الأعمال في أوج نشاطها، ما رآه فقال: (بعد زيارة الأنقاض جئنا إلى استحكام كان عبد القادر يقيمه على بعد حوالي مائتي خطوة من قلعة - تاقدامت - وقد اقتربنا من السلطان الذي كان متكئا، بصحبة كاتبه - ابن عبود ومولود بن عراش - على مرتفع من تراب ألقى به العمال حديثا من خندق كانوا يحفرونه باجتهاد. كان لباسه من البساطة بحيث لا يميزه المرء عن العمال إلا بصعوبة. وكان يضع على رأسه مظلة كبيرة مصنوعة من سعف النخيل، وكان محيط حافة المظلة التي كانت مخيطة بخيوط من الصرف ومزينة بالعذبات، يبلغ ثلاثة أقدام. أما المظلة نفسها فقد كان علوها قدما ونصفا على الأقل. وكانت تبدو كأنها نفق منته بهامة. وعندما مررت بالسلطان حيانى بجلال فريد، وبابتسامة عذبة، وأشار على بيده للجلوس. وقد بادءته بالحديث قائلا: إذا حكمنا من الأنقاض، فإن المدينة لا شك كانت فيما مضى واسعة ومزدهرة. فأجابني: نعم لقد كانت جميلة جدا وعظيمة جدا فسألت: هل تعتقد أنني سأكتشف أي حجر عليه كتابات قديمة؟