بعضهم عما يريد عمله فأجابهم (أريد أن أكسب تأييد جرجرة). وقطع الركب المرتفعات الأولى بسرعة. وكان منظر هذه الكوكبة الصغيرة من الفرسان، منحدرة إلى أعماق الوديان والشعاب أو صاعدة مرتفعات تكاد تكون عمودية، قد أثار العجب والاستغراب بين الجبليين الذين كانوا ينظرون من أكواخهم إلى هذا المنظر المثير. وانتشر الخبر بسرعة عن تقدم (الأمير عبد القادر) فتداعى الناس من كل جانب لتحية ضيفهم الشهير. وزاد العدد الذي تجمع حول خيمته على الآلاف. وغص مدخل الخيمة بالشيوخ والمرابطين واشتد الزحام حول الخيمة، وأخذ بعضهم في التسلل بخشونة لرفع أطراف الخيمة وإشباع فضوله بالتعرف على (الأمير) غير أن المرافقين ردوهم عنه قائلين لهم: (عودوا إلى الوراء، إنكم ستدوسون سيدنا). وعندما رأى عبد القادر خيبة الأمل وهي ترتسم على وجوههم، قال لمرافقيه:(دعوهم يقتربوا، دعوهم يقتربوا - إنهم أشداء صلاب مثل جبالهم، اعذروهم فأنتم لا تستطيعون تغيير طباعهم في يوم واحد). وعندما طلب عبد القادر مقابلة زعماء الأهالي، كان الجواب:(إننا نطيع أمناءنا ومرابطينا) وعندئذ تقدم الأمناء للترحيب وتقديم الولاء. وسألهم عبد القادر عمن يمثل الجميع، فأجابوه:(ليس عندنا زعيم واحد نمنحه كل الصلاحيات. إن أمناءنا الذين اختيروا بالانتخاب الشعبي هم الذين يعبرون عن إرادتنا العامة). فكان حقا جواب قوم يحرصون على حريتهم وهنا أمر عبد القادر بإفساح المجال، وطلب إلى الجمهور المتراص أن يجلس، فتكونت بذلك دائرة كبيرة ووقف هو في الوسط. والسبحة في يده. وبدأ حديثه إليهم حديثا يمر بالعقل ليصل إلى القلب، وطالبهم الإنضواء تحت لوائه لدعم قضية الحق التي يدافع عنها، قضية الله ورسوله. ومما قاله لهم: (أنه تمكن من هزم