باستطاعتي اليوم أن أنتصر عليكم قبل وصول النجدات التي انتظرها فما تكون حالتكم إذا فرغ صبر فرنسا نحو العرب، وأرسلت ما تهيؤه لي، فعندها تهاجمكم قواتنا فتبعثركم كما يبعثر الهوى الرمال. فإذا رغبتم البقاء في مركزكم السامي، فما عليكم إلا الإجابة على دعوتي لعقد معاهدة بيننا، وتعود القبائل لزراعة حقولها الخصبة حتى تقدم ما يحتاجه الشعب العظيم).
عند ذلك، لم يجد الأمير عبد القادر حرجا في الرد على هذه الرسالة المثيرة، فكتب رسالة جاء فيها ما يلي:
(من الأمير عبد القادر بن محيي الدين - إلى الجنرال دو ميشيل،
أما بعد:
فقد وصلنا كتابكم المتضمن أفضل النصائح، فقدرناها قدرها، وعلمنا أنكم تحثونا في كتبكم الثلاثة على الإفراج عن الأسرى، وتندبون حظكم، مع أننا نعتني بشأنهم غاية الاعتناء، وليست عملية الإفراج عنهم ذات أهمية عندنا، غير أن الحالة التي نحن بها لا تسمح لنا أن نردهم دون فدية، فإذا رغبتم في الاتفاق قبل تسليم الأسرى إليكم عند المعاهدة بيننا، لأن ديننا يمنعنا من طلب الصلح ابتداء، ويسمح لنا بقبوله إذا عرض علينا. وأن الثقة التي منحتمونا إياها في تحاريركم حملتنا على أن نبادلكم المخابرة، وأن المفاوضة التي تطلبونها تقتضي أن تكون مبنية على شروط محترمة منا ومنكم، ولا يحصل الاتفاق إلا إذا عرفتوني شروطكم وما تطلبونه مني، وأنا أعرفكم بمثلها والله المعين. وكيف تفاخروني بقوة فرنسا، ولا تقدرون القوة الإسلامية، مع أن القرون الماضية أعدل شاهد على قوة الإسلام وانتصاراتهم على أعدائهم، ونحن وإن كنا ضعفاء على حد زعمكم،