ورحمة. وقولكم أن هؤلاء الأسرى الذين تطلبون إطلاق سراحهم ما كان خروجهم لأمر يتعلق بكم، بل كانوا يحمون عربيا من انتقام أبناء وطنه، فهذا لا أعتبره وسيلة لإطلاقهم، فإن المحافظ والحافظ عليه كلاهما أعداء لنا، وانتهاز الفرصة في الانتقام منهم غاية مقصودة، وسائر العرب الذين عندكم أوغاد وأرذال، يجهلون واجباتهم الدينية، هذا وإني رأيتك تفتخر بأنك أطلقت الأسرى من الغراية والزمالة، من غير شروط، مع أنك لو راجعت أفكارك لوجدت أن رحمتك إنما كانت لأناس استظلوا بظلكم، واحتموا بحماكم، وكانوا عيونا لكم على المسلمين، ويخدمونكم بكامل الصدق. ومع ذلك فإن عساكركم قد
سلبوهم كل ما يملكونه. فلو كان هذا المعروف الذي تذرعتم به مع غير هؤلاء كالحشم وبني عامر مثلا، لكان يحق لكم الفخر، وكنتم تستحقون الشكر. وعلى كل حال، فمتى خرجتم من وهران على مسافة يوم أو يومين، يظهر للعيان من يستحق الفخر منا).
عند هذه المرحلة توقفت المراسلات التمهيدية، واستمر الصراع. ووجدت القوات الإفرنسية أنها تجابه أكثر من جبهة، وأنها تتلقى الهزيمة تلو الهزيمة على كافة الجبهات، فقررت مهادنة بعض الجبهات للتفرغ للجبهات الأخرى، وكان يهمها إسكات الجبهة الأقوى - جبهة الأمير عبد القادر. والذي كان بدوره يحتاج لنوع من الهدنة حتى يتفرغ جزئيا لبناء دولته وتطوير قدراته. وعاد (دو ميشيل) للإمساك بالمبادأة، فأرسل رسالة جاء فيها:
(إلى سمو الأمير عبد القادر:
حيث لا تجدني أيها الأمير غافلا أبدا عن كل فعل حسن، فإذا