التفت لقمع حركة (الحاج موسى بن حسن الملقب بأبي حمار) وهو من أشراف الصحراء، دخل المدية، ونشر فيها الطريقة الثاذلية، وأمكن له جمع القوى حوله. وكان لا بد للأمير من تجاهل تحذير (ديرلون) فاجتاز نهر الشلف وخاض معركة حاسمة انتصر فيها على (الحاج موسى)، واستولى الأمير على إقليم تيطري، وأعاد تنظيمه. وعندئذ وجد (ديرلون) أنه من الأفضل الالتزام بالسياسة الإفرنسية التي كانت ترى في ملك الفترة ضرورة مهادنة الأمير الذي اعتقدت فيه وسيلتها للصعود إلى أعالي الأطلس. فأرسل مسودة معاهدة جديدة للأمير عبد القادر الذي أرسل بدوره مسودة ضمنها شروطه. وكان ذلك ضد رغبة (تريزيل) الذي كان يريد التصدي للأمير ومجابهته بالقوة , وفي تلك الفترة عادت قبائل (الدوائر والزمالة) إلى سابق عهدها في التعاون مع فرنسا وإمداد قوتها بمتطلباتها وتجاوزت ذلك عندما وقعث مع فرنسا معاهدة وضعت فيها نفسها تحت الحماية الإفرنسية. الأمر الذي يعتبر تحديا صارخا للأمير الذي لم يقف صامتا، فأرسل احتجاجا جاء فيه:(إن الدوائر والزمالة هم رعيتي، وبناء على قانوننا فإن لي الحق في أن أفعل بهم ما أشاء. فإذا سحبت منهم حمايتك وتركتهم يطيعوني كما كانوا، فذلك ما أريد. وإذا كان موقفك عكس ذلك، فأصررت على التنكر لالتزاماتك، فاستدع في الحال قنصلك من مدينة - معسكر- لأنني لن أرفع يدي عن قبائل الدوائر والزمالة، حتى ولو دخلوا وراء حصون وهران، إلا بعد أن يندموا ويتوبوا وبالإضافة إلى ذلك، فإن ديني يمنعي من السماح لمسلم أن يكون تحت سلطة مسيحي، فاختر ما يحلو لك، أو أن إله الحرب سيحكم بيننا). ولم يبق أمام (تريزيل) حاكم وهران إلا الاستعداد للحرب. وكانت الاشتباكات قد بدأت بالفعل قبل ذلك بوقت قصير، إذ كان الأمير عبد القادر قد أرسل