للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى هدفه وبلغ الأمير ذلك، فاتخذ نفس الخطة التي نفذها في (معسكر) وأمر السكان بمغادرة المدينة. وجاء الإفرنسيون، وعندما علم (مصطفى بن إسماعيل) باقترابهم خرج هو وأنصاره، وفتحوا لهم أبواب القلعة، ولم يدخل الإفرنسيون إلا بعد دفاع مستميت، حيث وقف جند الأمير سدا في وجوههم. ولما لم تسفر المعركة عن نتيجة، توقفت قوات (كلوزول) غير أن القبائل التي خرجت من تلمسان استجابة لأمر الأمير، عادت الآن فانضمت إلى الإفرنسيين. ولم يبق أمام الأمير إلا الانسحاب بقواته إلى مدينة وجدة (على الحدود المغربية) ودخل كلوزول تلمسان يوم ١٣ كانون الثاني (يناير) ١٨٣٦ م. وقد تقدم ابن إسماعيل والكراغلة، متبوعين بجميع اليهود لاستقبال الحاكم العام، ومجلس قيادته، رافعين إليه أسمى آيات الولاء والإسلام، داعين إياه (بمنقذهم، وولي أمرهم). أما كلوزول، فقد طلب منهم (١٠٠) ألف فرنك كعربون على إخلاصهم. وحاول أولئك المنخدعون المندهشون أن يقنعوه بعجزهم عن جمع مثل هذا المبلغ، ولكن بدون جدوى، لأن كلوزول كان لا يرحم، واستخدم الضغط الشديد والتهديد بل وحتى الضرب، وأدى ذلك إلى أن يبيع الرجل لباسه وفراشه حتى يؤدي ما افترض عليه، وأن تبيع المرأة ثيابها ومصوغها حتى تجمع المبلغ، جزء منه نقدا والجزء الآخر من الماس والجواهر وقد أدى ذلك إلى ظهور نقمة عارمة، مما أدى إلى انتشار مقولات مختلفة على الألسنة منها المقولة الساخرة التالية: (ما أعظم قادتنا، إنهم يطالبون القبائل الجزائرية بالانضمام إليهم، حتى إذا ما استجابت هذه القبائل لهم، فرضوا عليها الغرامات القاسية لتمويل خزينتهم) أما الأمير عبد القادر فقال: (إذا كانت تلك هي معاملة الإفرنسيين لأصدقائهم، فماذا عسى أن يتوقع منهم أعداؤهم).

<<  <  ج: ص:  >  >>