جنوب وهران) وذلك لإخضاع بنو عراش (في عين ماضي) والذين كان يتزعمهم (التيجيني) ودارت معارك طويلة، استنزفت فيها قوات الطرفين المتصارعين، وانتهت بانتصار الأمير عبد القادر. أصبحت الجزائر الآن دولة مكتملة الأركان، ثابتة البنيان، وشعر الأمير عبد القادر أنه قد أنجز الواجب الذي حملته الأمة الجزائرية أعباءه. فقد هزم الإفرنسيين، ووقع معاهدة سلام مشرف، وكانت مملكته نموذجا للتنظيم الرائع، لقد لبى نداء واجبه الديني في ساعة العسرة، وأنقذ قومه في ساعة البلوى. غير أنه أضاع نفسه في أمته، لقد هجر أهل بيته، وفقد عزلته التي كان يجد فيها متعته العقلية، فمنذ اليوم الأول لمبايعته، وقف أمام زوجته ليقول لها:
(لقد وضع القوم أمانة في عنقي، ومن الواحب علي القيام بها، وأن ذلك لا يدع مجالا لي حتى أقوم بواجباتي الزوجية على أكمل وجه، ولك إن أردت البقاء معي من دون التفات إلى طلب حقوقك المقدسة، فإني أوافق الموافقة أزمة على ذلك. وأما إن كان قصدك ألا تفرطي فيها فأمرك بيدك، وذلك لأني قد تحملت ما يشغلني عنك) وأجابته الزوجة الصالحة - ابنة عمه - (لقد رضيت لنفسي ما ارتضيته لنفسك) وأخلص الزوجان لقضية الإسلام.
وبعد التوقيع على معاهدة تافنه، وبينما كان هو في سبيله لمحاربة الخارجين عن الطاعة والجماعة، مر الأمير عبد القادر بالقرب من (معسكر) وعلمت زوجته بذلك، وكانت قد مضت شهور عديدة لم تره خلالها، فبعثت إليه الرسل ترجوه أن يعرج نحوها، ولو يوما واحدا، غير أنه أجاب (بأنه مزفوف إلى بلاده). ولقد حدث مرة أن