مضت عليه فترة تزيد على السنتين لم يسمح لنفسه بوقت يذهب فيه لرؤية عائلته.
وها هو الآن يحاول استئناف حياته الخاصة، وإلقاء أعباء المسؤولية على عاتق سلطان المغرب، وتسليمه الأمانة، فيكتب له - بعد الديباجة - ما يلي:
(إن شعب الجزائر متحد الآن، وأن علم الجهاد قد طوي، فالطرق آمنة وعامرة، والعادات السيئة قد قضي عليها، وتستطيع المرأة أن تعبر البلاد وحدها، ليلا ونهارا، من الشرق إلى الغرب، دون خوف على نفسها. وقد يلتقي الرجل بقاتل أخيه، فلا يجرؤ على الانتقام منه، بل يحتكم إلى القضاء. وأن كتاب الله وسنة رسوله هما فقط أساس الأحكام. والمواد الضرورية لجيشنا كثيرة، إلى جانب الرجال الذين يملؤون صفوفه. كل ذلك بفضل الله وتأييده، وبفضل دعواتكم ورضاكم عنا. ولولا ذلك لكنت أضعف الناس عن إنجاز كل هذا ...
إنني لم أتقدم لتولي مسؤولية الحكومة بدافع الطموح، أو الرغبة في السلطة والجاه، أو حبا في ثروات الحياة الدنيا. ولكن - والله وحده يعلم أسرار القلوب - لأحارب في سبيل الله، ولأحقن الدماء بين المسلمين، ولأحمي أملاكهم، ولأمهد البلاد، كما تقتضي ذلك الغيرة على الدين والوطن. ومنذ تحملنا المسؤولية ونحن بالمرصاد ليلا ونهارا، متنقلين في طول البلاد وعرضها، في السهل والجبل، مرة نقود المعارك، وأخرى ننظم شؤون الدولة ونحن الآن نرجو من سموكم أن ترسلوا أحد أبنائكم أو أحفادكم أو خدامكم لتولي سلطان الحكم، لأن البلاد الآن موطدة وليس هناك معارضة من أية جهة.