القصص العجيبة التي تمتزج فيها الجرأة بالعبقرية والإيمان. والتي طبع بها عبد القادر صراعه المجيد الذي كان يقوده بشخصيته القوية.
كان (لامورسيير) ينفذ بحماسة التعليمات المعطاة إليه لمطاردة الأمير عبد القادر والقبض عليه، وسمع فجأة أن الأمير كان أمام (معسكر). وعندما أعد خطته للوصول بسرعة إلى ذلك المكان، عرف أن عبد القادر قد مر قريبا من مؤخرة قواته، وأنه كان يقوم بغزوة ضد قبائل البرجية. وعادت المطاردة، ولكن عبد القادر عبر من جديد (نهر الشلف) بمناورة جريئة وسريعة، تاركا خصمه وراءه في حيرة وذهول، ومر بين قوات (بيجو) والبحر وسرعان ما استرجع مكانته بين القبائل التي فرت منه في ذلك الاتجاه، وقام بغزوة أخرى سريعة في جنوب (مليانة). ثم أسرع نحو الصحراء، حيث ظهر بكامل قوته. في نفس الوقت الذي كان الفرنسيون قد رجعوا إلى قواعدهم يائسين من العثور عليه. أثناء ذلك، كان الجنرال (بيدو) قد نجح في فرض سيطرته على عدد من القبائل المنتشرة على الحدود (المغربية - الجزائرية) ومن أبرزها قبيلة (ندرومة) مما هدد مؤخرة الأمير وطرق تموينه الرئيسية. فقاد الأمير عبد القادر قواته وأسرع نحو الحدود المغربية، وبمجرد وصوله انضمت إليه (قبائل ندرومة وبنو سناسن) ودعموا قوته بثلاثة آلاف فارس وخمسة آلاف راجل. فمضى بهم إلى القتال. وأصبحت هضاب ووديان جبال ترارة وندرومة وضفاف تافنة والزقاق مسرح اشتباكات طاحنة بين الأمير و (بيدو) طوال شهري آذار ونيسان (١٨٤٢) - مارس وأبريل - وأفاد (لامورسيير) من غياب الأمير ليبسط سيطرته على (مدينة معسكر) وليوسع عملياته في اتجاه الصحراء، بعد أن نجح في إخضاع الكثير من القبائل - بمن فيهم قبائل بنو هاشم - قبيلة الأمير نفسه - فانتقل الأمير بسرعة، وعالج الموقف بمزيج من القسوة المتناهية والتسامح غير