للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للسكان وإحراق الأرض والزرع والقرى. وخاض الأمير عبد القادر صراعا مريرا ضد أرتال القوات الإفرنسية، ونجح في إحراز عدد من الانتصارات كاد في بعضها أن يسحق رتلا كاملا من أرتال القوات الإفرنسية في كانون الأول - ديسبر - ١٨٤٥ م.

وأصبح لزاما على الأمير عبد القادر أن يخوض صراعا مريرا على ثلاث جبهات: الجبهة الداخلية المتداعية تحت ضربات الإفرنسيين المدمرة، وعلى جبهة الصراع ضد الإفرنسيين، وعلى جبهة المغرب، وكان هذا الصراع يتطلب إمكانات صخمة، في حين انقطعت عنه كل الموارد بعد أن نجحت فرنسا في عزل الجزائر عن جناحيها (تونس والمغرب). وباتت الحلقات تضيق حول الأمير حتى كاد يسقط في قبضة أعدائه عدة مرات (منها ما حدث له يوم ٧ شباط - فبراير - ١٨٤٦ عندما بوغت في منتصف الليل بقوات الإفرنسين وهي تحيط به، ولم تنقذه إلا شجاعته من هذا المأزق).

استمر عبد القادر بقيادة هذا الصراع المرير على امتداد عامين، وفي شهر كانون الأول (ديسمبر) ١٨٤٧ وقف مع القوات المتبقية لديه (٥) آلاف مقاتل في (اقدين) دائرة معسكره على الضفة اليسرى لنهر (ملوية) وأعاد تقدير موقفه، كان شاردا عن كل ما حوله يسير على رأس قوته تتبعه (الزمالة) التي أوهنها الحل والترحال، وزاد من إرهاقها غضب الطبيعة التي أرسلت أمطارها كالسيول، ووقف الأمير فجأة، وطلب إلى رجاله الاقتراب منه. لقد اتخذ قراره، وها هو يترجمه على رجاله الذين أخذتهم مهابته: (هل تذكرون القسم الذي أقسمتموه قبل ثمانية أعوام في المدية عند استئناف الحرب ... إنني دائما كنت أعتبر ذلك القسم ملزم لي نحوكم، كما هو ملزم لكم تجاهي. إن هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>