للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تمارس أعمال القرصنة إلى أن احتلت فرنسا الجزائر (١).

يظهر من خلال ذلك. وكما كتب مؤرخ أجنبي: (بأن القرصنة لم تكن في غرب البحر المتوسط بالشيء الجديد، فمنذ قرون عديدة، كان المسلمون، وكان المسيحيون يقومون بأعمال القرصنة في البحر، ولا يحق لنا أن نغالط التاريخ. فإن القراصنة المسيحيين كان عددهم كبيرا جدا خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر بهذا البحر المتوسط، ثم خفت وطأة القرصنة المسيحية بعد ذلك - بسبب نقل أفق عملها إلى المحيط الأطلسي بعد اكتشاف أمريكا - لكن القرصنة الإسلامية ازدادت ضراوة في الشمال الافريقي بعد إبعاد مسلمي إسبانيا واضطرارهم الالتجاء إلى هذا الشمال (٢)).

الأمر الجدير بالملاحظة هو ذلك الإجماع - لدى المسلمين وأعدائهم - على أن القرصنة كانت بالنسبة للمسلمين نوعا من الجهاد في سبيل الله، مسرحه البحر. وقد شهد هذا الجهاد تطورا مع نهاية القرن الخامس عشر. ذلك أنه لما سقطت القسطنطينية في قبضة الأتراك العثمانيين (سنة ١٤٠٣) واشتد ساعد البحرية التركية في البحر الأبيض المتوسط، زاد نشاط المغامرين المسلمين في البحر، وكان سقوط غرناطة آخر القواعد الأندلسية في يد الإسبان (في سنة ١٤٩٢ م). مع ما تبع ذلك من اضطهاد الإسبان لبقايا الأمة الأندلسية المغلوبة إيذانا بتطور المغامرات البحرية، ونزول الأندلسيين والمغاربة


(١) مدينة الجزائر - نشأتها وتطورها - علي عبد القادر حليمي. الطبعة الاولى - ١٩٧٢ ص ٢٩٠ - ٢٩٤.
(٢) الأستاذ. ف. أبروديل - المجلة الافريقية ١٩٢٨ وعنها أخذ الأستاذ أحمد توفيق المدني - حرب الثلاثمائة سنة. ص ٧٥
.

<<  <  ج: ص:  >  >>