النحو، كان عدد الأوروبيين يتعاظم باستمرار. فقد كان عددهم (٢٢٠) ألفا سنة ١٨٦١، وارتفع هذا العدد إلى (٢٧٢) ألفا عام ١٨٧٢. وذلك راجع لعدم تأثرهم بالأزمة لأنهم كانوا يملكون الأراضي الجيدة والمسقية في المناطق الساحلية كثيرة الأوطار، ولأنهم كانوا يحتفظون بمدخرات كافية من المواد الغذائية.
استغل اليهود المجاعة عامي ١٨٦٧ و١٨٦٨، لتنمية ثرواتهم وأرباحهم عن طريق القروض التي كانوا يقدمونها للمنكوبين بفوائد فاحشة تتراوح بين أربعين ومائة بالمائة لمدة شهرين أو ثلاثة فقط من العام. مما جعل الكثيرين من الجزائريين يفقدون في نهاية الأمر أملاكهم ويتحولون إلى عمال بالخماسة. وبات من المحال على الجزائريين الوفاء بديونهم حتى عندما تخصب أراضيهم ويرتفع مردودها؛ إذ كان السماسرة اليهود والمعمرون من الأوروبيين، يتدخلون لخفض أسعار الحبوب بنسبة عشرين وحتى ثلاثين بالمائة. مما حمل الحاكم ماكماهون على القول: بأن رؤساء الأهالي الجزائريين دفعوا كل ثرواتهم التي استردوها من صغار الفلاحين إلى السماسرة اليهود أرباحا فاحشة عن القروض التي أخذوها منهم.
والحقيقة، أن سعي اليهود وراء الأرباح الباهظة، لم يكن بالأمر الغريب عليهم، وهو ما أشار إليه أحد الأوروبيين في رسالة له بعثها إلى الإمبراطور (نابليون الثالث) في ١٠ أيار - مايو - ١٨٦٥ وفيها:(أحيط جلالتكم علنا بأن الشعب الأهلي لعمالة وهران يدفع لصالح (ربا) اليهود، مبالغ تعادل أربعة أضعاف ما يدفعونه لفرنسا من ضرائب). وقد زادت الأزمة الاستعمارية حدة، عندما رفض بنك الجزائر تقديم (سلف - أو تسبيقات) لجمع المحصولات كما كان معتادا.