للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعمى قلوب الإفرنسيين وهذا موعد رحيلهم وهو انتصار للإسلام وفئة ثالثة: كانت عارفة بحقائق الأمور وأخذ أفرادها يعدون العدة لحرب دينية مقدسة - وهي فئة المقراني والحداد). ويذكر أن الباشآغا محمد المقراني، كان يتوجس خيفة من قيام النظام المدني منذ البداية، فعندما قامت الحرب في شهر تموز - يوليو - ١٨٧٠ طلب المقراني من الحاكم العام ماكماهون الإذن له بتسليح كتيبة من (القوم) تتألف من ألف وخمسمائة رجل يذهب على رأسهم للمشاركة في الحرب بأوروبا، فاعتذر له. غير أن المقراني ألح عليه في قبول الطلب، وقال: (إذا طالت الحرب، فإن المدنيين سيستولون على السلطة بالجزائر، وأنا الذي انحدر من سلالة الجنود، لا أطيع أبدا ولا أخضع لمن لا يكون عسكريا) (١) وعلى أي حال، فقد شارك عشرون ألفا من الجزائريين في الحرب. وقتل نصفهم على أرض القتال. وكانوا أبطالا ومغاوير وأشجع كل الفرق الأخرى باعتراف القادة الإفرنسيين ذاتهم، غير أن هؤلاء المقاتلين أصيبوا بجراح في أعماق نفوسهم بسبب إهانة الأوروبيين لهم، بعد سقوط الإمبراطورية بصورة خاصة.

لقد صح ما توقعه الحاج محمد المقراني (الباشآغا) من متاعب عند قيام الحكم المدني، وأصبح السخط عاما في منطقة البيبان بسبب سوء الإدارة الإفرنسية، وكانت السلطات الإفرنسية تقوم في تلك الفترة بفتح الطريق العام بين الجزائر وقسنطينة تحت إشراف مقاول


(١) طلب عدد من قادة الجزائر الإشتراك في الحرب إلى جانب فرنسا - ضد بروسيا - فبالإضافة إلى محمد المقراني تقدم ابن باحمد خليفة الأوراس بطلب مماثل. وكذلك فعل الأمير عبد القادر الذي كتب من دمشق رسالة إلى وزير الدفاع الإفرنسي أعلن فيها استعداده للحرب مع الإفرنسيين. (ثورة ١٨٧١ - الدكتور يحيى أبو عزيز - ص ١٢٩ - ١٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>