وقد أقبلت من كل الجهات بصورة مستعجلة، بعد أن توزع المبعوثون في كل أنحاء مجانة لإبلاغ الناس قرار الباشآغا وقواده بإعلان الثورة. وفي صباح يوم الخميس ١٦ آذار - مارس - استعرض المقراني رجاله الذين بلغ عددهم ستة آلاف رجل (بعين السريحة) وكان هؤلاء الرجال يرتدون أزياء مختلفة ومعهم أسلحة متنوعة، وما هو ضروري من متاع الحرب. وكان من ضمنهم (قوم) الحضنة الغربية وأولاد تبان، وأولاد إبراهيم والأربعاء بزعامة مقدميهم. ثم توجه المقراني بهذه القوات إلى البرج، حيث انضم إليه على الفور (القائد الصغير بن عدة) مع بعض أفراد (القوم) - بأسلحتهم - وكانوا ضمن قوات الحرس الإفرنسية. وفرض المقراني الحصار على المدينة - وسط زغاريد النساء - وبدأت الإشتباكات الأولى بالنيران حوالي الساعة التاسعة، ولكن القتال الحقيقي لم يبدأ إلا حوالي منتصف النهار. واستمر حتى غروب الشمس. وفي المساء أخذ اليهود الذي كلفوا بالحراسة، يفرون إلى داخل قلعة المدينة، بعيدا عن الأسوار. ووجهت السلطات داخل المدينة عدة رسائل استنجاد إلى عدة جهات، وخاصة سطيف، ومرت أربعة أيام من الحصار، بدون حوادث مثيرة، حاول الثوار بعدها تلغيم الجدران لفتح ثغرة فيها، غير أن الحامية المدافعة عن المدينة أحبطت هذه المحاولات. وبدأت قوات الدعم في الوصول، وكان في مقدمتها قائد عن تاغروط (محمد بن عبد السلام المقراني) الذي كان أول من وصل إلى البرج صباح يوم ٢٦ آذار - مارس - وعندما اقترب من أسوارها، صاح في وجهه قائد حامية المدينة (دوشيرون) وطلب إليه الابتعاد حتى لا يضر به لأنه أصبح يشك في كل (لابس برنس) ولو كان خادما لفرنسا ومخلصا لها. وكان من حسن حظه أنه وصل معه ضابطان فرنسيان، فحالا دون تعرضه لأي أذى.