لِقَلْبِهِ وَحَمْلُ الْأَحَادِيثِ عَلَى هَذَا أَوْلَى مِنْ حَمْلِهَا عَلَى مُخَالَفَةِ الْأُصُولِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ كَانَ وَقْتَ إِبَاحَةِ الرِّبَا أَوْ لِأَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ إِذَا خَالَفَ الْأُصُولَ يُتْرَكُ لِلْقِيَاسِ أَوْ يَمْتَنِعُ بِالْقِيَاسِ عَلَى الحَب أَوْ نَقُولُ: إِذَا امْتنع على الأَرْض فعلى رُؤُوس النَّخْلِ أَوْلَى وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّ الْخَبَرَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ بَيْعٌ لَا فَسْخٌ لِلْهِبَةِ مِنْ وُجُوهٍ خَمْسَةٍ: أَحَدُهَا: قَوْلُهُ: (أَرْخَصَ) وَالرُّجُوعُ عِنْدَكُمْ فِي الْهِبَةِ لَيْسَ رُخْصَةً وَلِقَوْلِهِ: (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ بَيْعِ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ) وَإِنَّمَا أَرْخَصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ بَيْعٌ حَقِيقَةً: فَكَذَلِكَ الْمُسْتَثْنَى لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا وَلِأَنَّ الرُّخْصَةَ تَقْتَضِي تَقَدُّمَ حَظْرٍ وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي الْبَيْعِ لَا فِي الْهِبَةِ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: خَرْصًا وَفَسْخُ الْهِبَةِ لَا يَحْتَاجُ لِلْخَرْصِ بَلْ يَجُوزُ التَّعْوِيضُ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَبِغَيْرِ شَيْءٍ وَخَامِسُهَا: لِتَخْصِيصِهِ بِخَمْسَةِ أَوْسُقٍ وَفَسْخُ الْهِبَةِ لَا يَخْتَصُّ وَلِأَن هَذِه المعوضة تفْتَقر لتراضيها وَفَسْخُ الْهِبَةِ لَا يَحْتَاجُ لِذَلِكَ وَعَنِ الثَّانِي: أَنَّهُ فَسْخٌ بِمُجَرَّدِ الِاحْتِمَالِ فَيَمْتَنِعُ ثُمَّ أَتَى قَوْلُهُ: نَهَى عَنْ بَيْعِ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ إِلَّا أَنَّهُ أَرْخَصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا وَمُقْتَضَى الرُّخْصَةِ تقدم الْخطر وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الرِّبَا مُباحاً لَمَا قُدِّرَ بِخَمْسَةِ أَوْسُقٍ وَعَنِ الثَّالِثِ: أَنَّ الْخَبَرَ فِي نَفْسِهِ أَصْلٌ فَلَا تُتْرَكُ الْأُصُولُ وَلَا تُفْسَخُ بِالْقِيَاسِ وَعَنِ الرَّابِعِ: أَنَّا نَقُولُ بِهِ فِي الْحُبُوبِ وَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ بَيْعُهَا بِالْخَرْصِ حَيْثُ يَتَعَذَّرُ الْخَرْصُ وَعَنِ الْخَامِسِ: أَنَّ بَيْعَهُ عَلَى النَّخْلِ لِدَرْءِ ضَرُورَةِ التَّكَرُّرِ لِلْحَائِطِ وَهِيَ مَنْفِيَّةٌ إِذَا كَانَ عَلَى الْأَرْضِ وَاحْتَجَّ (ش) عَلَى وُجُوبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute