وقد يكون ظاهرًا، نحو (هذا ضرب أخوه)، وقد يقتضي مفعولا علاوة على ذلك، نحو (هذا ضرب أخوه عامرا) ولابد من هذا الإقتضاء، هذا علاوة على ما يتضمنه أو يقتضيه من الظروف وغيرها، نحو (هذا ضرب أخوه أمس) في حين لا يقتضي الإسم شيئا من ذلك، فإن الكلام قد يتم بالإسم، ولكن الفعل يقتضي في الأقل لفظا آخر وهو الفاعل، فدل ذلك على أن الفعل أثقل من الإسم في اللفظ، لأنه يقتضي لفظًا آخر علاوة على لفظه.
جاء في (شرح ابن يعيش): " ولابد من بيان ثقل الأفعال، فإن مدار هذا الباب على شبه مالا ينصرف الفعل في الثقل، حتى جرى مجراه فيه، ولذلك حذف التنوين مما لا ينصرف لثقله حملا على الفعل، وإنما قلنا أن الأفعال أثقل من الأسماء لوجهين:
أحدهما: أن الإسم أكثر من الفعل من حيث أن كل فعل لابد له من فاعل اسم، يكون معه، وقد يستغني الإسم عن الفعل، وإذا ثبت أنه أكثر في الكلام كان أكثر استعمالا، وإذا كثر استعماله خف على الألسنة لكثرة تداوله، ألا ترى أن العجمي إذا تعاطي كلام العرب ثقل على لسانه، لقلة استعماله له وكذلك العربي إذا تعاطى كلام العجم، كان ثقيلا عليه لقلة استعماله له.
الوجه الثاني: أن الفعل يقتضي فاعلا ومفعولا، فصار كالمركب منهما إذ لا يستغني عنهما، والإسم لا يقتضي شيئا من ذلك (١).
وقد تقول: ألأن الاسم أكثر في الكلام، دل ذلك على خفته، أم لأن الإسم خفيف كثر في الكلام؟
وبتعبير آخر: هل الخفة سبب الكثرة، أم الكثرة سبب الخفة؟
والجوا [: كلاهما، فإن اللفظ إذا كثر في الكلام استخفه الناس ولم يشعروا بثقله، ألا ترى أن هناك جملا وعبارات تصنع لتمرين اللسان، يستثقلها الناطق باديء ذي بدء، حتى إذا أكثر من النطق بها خفت على لسانه، فلا يشعر بما فيها من ثقلها، كما أن الشيء الخفيف يستحبه الناس فيدور على ألسنتهم.