هذه آيات من كتاب الله الكريم، جمعت أعلاما لطائفة من أنبياء الله، بعضها منون وبعضها غير منون، ولا يشك ناظر فيها أنها في درجة واحدة من التعريف، سواء منها مانون وما لم ينون.
ولا يشك أحد أنه لم يقصد بما نون كنوح ولوط التنكير، وانه قصد بما لم ينون كإسحاق وإبراهيم التعريف ..
وإذا جارينا المؤلف على دعواه أن الإعلام التي ترك تنوينها قصد منها التنكير، لم تكن الإعلام التي وردت في القرآن منونة دالة على ذوات معروفة للسامعين، بل كان المراد منها واحدا من أمة له هذا الاسم، وهذا له خطره في فهم القرآن الكريم، وكفي بهذا القول خطلا أنه يؤدي إلى أن يكون المراد من محمد رسول الله والذين معه اشداء على الكفار) واحدا غير معين لا يعرفه السامعون، وإنما هو واحد من أمة له هذا الاسم" (١).
أما ما ادعاه من أنه إذا عين العلم " تمام التعيين وأمتنع أن يكون فيه معنى العموم، لم يجز أن يدخله التنوين، وذلك حين يردف بكلمة ابن وينسب إلى أبيه مثل علي بن أبي طالب" فهذا مردود بأنه لا يتعين العلم تمام التعيين، إذا ذكر الأب، بل يحتمل أن يكون فيه معنى العموم، وذلك نحو قاسم بن محمد، وعلى بن حسين، وحسين بن علي، ومحمد بن محمد فكثير من الناس يحملون هذه التسميات قديما وحديثا.
ويرده أيضا أنك قد تأتي بصفة تعين ذلك العلم بعد أن كان يحتمل عدة أشخاص، فتوقعها بعده فيلزم تنوينه، ولو كان كما قال لتعين ذهاب تنوينه مثل أقبل سعيد الكاتب ابن علي، أو أقبل سعيد القصير بن خالد، فيلزم تنوين سعيد ولو قلت أقبل سعيد بن علي، للزم حذف تنوينه، ولا شك أن الجملة الأولى أدل على التعيين، فدل ذلك على أنه ليس كما ذهب إليه.