للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه، ولا تتخذوا آيات الله هزوا} [البقرة: ٢٣١]، وقوله: {فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن} [البقرة: ٢٣٢].

وغير ذلك من الأمور القلبية التي مبعثها شدة الغضب، وحدته والرغبة في الانتقام، فأكد تزكية القلوب وطهارتها فقال: {ذلكم أزكى لكم وأطهر} في حين قال في سورة المجادلة: {يأيها الذين أمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم} [المجادلة: ١٢].

والفرق واضح بين المقامين، فإن الآيات الأولى في أمر إنساني عام، وحكم خالد باق في تطهير القلوب وزكاتها مما يشتعل فيها من نار الغضب، والحقد، والرغبة في الانتقام في حين أن المقام في آية المجادلة يتعلق بدفع صدقة عند مناجاة الرسول صلى الله عليه وسلم وقد نسخ هذا الحكم وشيكًا. فالفرق كبير بين المقامين والحكمين.

فأنت ترى إنه لما كان (الوعظ) في آيات المجادلة أشد، وآكد، وأكدهـ، وجاء به بصورة الجمع بخلاف الوعظ في آية البقرة، ولما كانت الزكاة وتطهير القلوب في آية البقرة أشد وأكد جاء به بصورة الجمع بخلاف آية المجادلة، وهذا أمر دقيق جليل.

٧ - وقد استعمل القرآن الكريم الخطاب بالجمع، وبالأفراد للتمييز بين مجموعتين، فقد تكون مجموعة أكبر من مجموعة فيستعمل لخطاب الجمع الكثير بصورة الجمع، وللقليل بصورة الأفراد، وذلك نحو ما مر في قوله تعالى: {ذلكم أزكي لكم وأطهر} [البقرة: ٢٣٢]، وقوله: {ذلك خير لكم وأطهر} [المجادلة: ١٢]، فإن الآية الأولى لخطاب المؤمنين عامة وتكليفهم إلى قيام الساعة، وأما الآية الأخرى فلخطاب الصحابة وحدهم، ولا يشمل غيرهم من المسلمين ثم أنه حكم ما لبث أن نسخ، فجاء لما هو عام شامل بصيغة الجمع، ولما هو خاص بصيغة الأفراد.

ونحوه قوله تعالى: {قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنةالله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكان وأضل عن سواء السبيل} [المائدة: ٦٠]، وقوله: {قل أفأنبئكم بشر من ذلكم النار وعدها الله الذين كفروا وبئس المصير} [الحج: ٧٢]

<<  <  ج: ص:  >  >>