للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قد جاء فعلا، ولذا لا يصح أيضا أن يؤتى بها في الدعاء، فأنت تقول (غفر الله لك) أي تدعو له بالمغفرة، ولا تقول (قد غفر الله لك) فإن معنى (قد غفر الله لك) أن المغفرة تحققت، وأنت أخبرت بحصولها، وليس المعنى أنك تدعو له بالمغفرة، جاء في (المقتضب): تقول أما أن غفر الله لك، وإن شئت أما أن على ما فسرت لك في أما، أنها تقع للتنبيه وتقع في معنى قولك (حقا) فالتقدير. أما أنه وأما أنه غفر الله لك.

فإن قلت: فكيف جاز الإضمار والحذف بغير غوض؟

فإنما ذلك لأنك لا تصل إلى قد لأنك داع ولست مخبرًا (١).

ومعنى التوقع أن الحدث كان متوقعا قبل حدوثه، نحو قولك (قد حصر الأستاذ) لقوم كانوا ينتظرون حضوره، جاء في (الكتاب): وأما قد فجواب لقوله لما يفعل فتقول: قد فعل، وزعم الخليل أن هذا الكلام لقوم ينتظرون الخبر (٢).

وجاء في شرح ابن يعيش: وفيها معنى التوقع، يعني لا يقال قد فعل، إلا لمن ينتظر الفعل ويسأل عنه (٣).

وأما التقريب فهو لتقريب الحدث من الحال كما ذكرت، جاء في شرح الرضي على الكافية: هذا الحرف إذا دخلت على الماضي أو المضارع، فلابد فيها من معنى التحقيق ثم أنه ينضاف في بعض المواضع إلى هذا المعنى في الماضي التقريب من الحال، مع التوقع أي يكون مصدره تموقعا لمن يخاطبه واقعا عن قريب، كما تقول لمن يتوقع ركوب الأمير قد ركب أي حصل عن قريب ما كنت تتوقعه، ومنه قول المؤذن قد قامت الصلاة، ففيه أذن ثلاثة معان مجتمعة التحقيق، والتوقع والتقريب، وقد يكون مع التحقيق التقريب فقط، ويجوز أن تقول (قد ركب) لمن لم يكن يتوقع ركوبه (٤).


(١) المقتضب ٣/ ٩
(٢) كتاب سيبويه ٢/ ٣٠٧، وانظر المغني ١/ ١٧٢
(٣) شرح ابن يعيش ٨/ ١٤٧
(٤) شرح الرضي على الكافية ٢/ ٤٢٩، وانظر المغني ١/ ١٧٢

<<  <  ج: ص:  >  >>