للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذه المعاني قد تجتمع وقد تفترق، فمن اجتماعها قولك (قد حضر الأستاذ) وقد خرج الأمير، إذا كان متوقعا ذلك، ومنه قوله تعالى: {ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون} [آل عمران: ١٤٣]، فقوله (قد رأيتموه) أجتمع فيه التحقق والتوقع والتقريب، وكقوله: {ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة} [آل عمران: ١٢٣]، فهم كانوا يتوقعون النصر، لأن الرسول وعدهم ذلك، كما قال تعالى {وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم} [الأنفال: ٧].

وقد يتخلف بعض هذه المعاني غير أن المعنى الذي لا يفارقها هو التحقيق فإن التحقيق لا يفارق (قد) البتة، واما التوقع والتقريب، فقد يتخلفان أو يتخلف أحدهما.

فمن ورود قد لغير التوقع قوله تعالى: {قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا} [مريم: ٢٧]، وهو غير متوقع منها - هو لم يقع - بدليل قولهم (يأخت هارون ما كان أبوك أمرا سوء وما كانت أمك بغيا) [مريم: ٢٨]، وقوله: {إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا} [البقرة: ٢٤٧]، وهو غير توقع، بدليل قولهم (أني يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه) [البقرة: ٢٤٧]، وقوله: {يبني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم وريشا} [الأعراف: ٢٦]، وهو ما كانوا يتوقعون إنزاله.

ومن تخلف التقريب قوله تعالى: {فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك} [آل عمران: ١٨٤]، وقوله: {ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق} [المؤمنون: ١٧]، وهذا لاشك موغل في القدم، كما أنه ليس فيه معنى التوقع، لأنهم لم يكونوا يتوقعون خلق السماوات وقد خلقت قبل أن يخلق البشر، بل فيه معنى التحقيق فقط.

ومن ذلك قوله تعالى: {ولقد أرسلنا من قبلك في شيع الأولين} [الحجر: ١٠]، وقوله: {ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإ مسنون} [الحجر: ٢٦]، فإنه ليس فيها توقع ولا تقريب.

٤ - الدلالة على حدث ماض بالنسبة إلى حدث ماضي قبله، وذلك كما إذا وقع الفعل الماضي في جملة حالية قبلها فعل ماض، نحو (دخلت وقد نام الناس) فنوم الناس

<<  <  ج: ص:  >  >>