للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكذا إذا قدرت (لئلا) فإن المعنى يكون غير مستقيم أيضا فإذا قلت (لئلا تضل أحداهما فتذكر أحداهما الأخرى)، كان المعنى أن سبب التذكير عدم الضلال، لأن الضلال منفي، وكذا قولهم (أعددت هذه الخشبة لئلا يميل الحائط فأدعمه بها) فإن المعنى يكون على ذلك أن سبب الدعم عدم الميل، أي حتى إذا لم يمل دعمته، وهو عكس المعنى المراد في حين أن المعنى أنك تخشى ميلان الحائط، فأعددت له الخشبة حتى إذا مال دعمته بها.

جاء في (المقتضب): " أعددت هذا أن يميل الحائط فأدعمه، ولم يعدوه طلبا لأن يميل الحائط ولكنه أخبر بعلة الدعم، فاستقصاء المعنى إنما هو: أعددت هذا، لأن أن مال الحائط دعمته (١).

أو يكون العطف بقصد النفي، كالمعطوف عليه، نحو قولك: (لئلا تنهاه وتزجره) أي ولئلا تزجره فيكون المعنى غير مستقيم أيضا، لأن الفعلين منفيان فيكون المعنى في الاية لئلا تضل فلا تذكر، وهو عكس المراد.

وعلى هذا فالتوجيهان باطلان أو ضعيفان.

جاء في (البرهان): " فإن قيل: كيف يستقيم الطريقان في قوله: " أن تضل أحداهما فتذكر أحداهما الأخرى" فإنك إذا قدرت لئلا تضل أحداهما، لم يستقم عطف (فتذكر) عليه. وإن قدرت (حذار أن تضل أحداهما) لم يستقم العطف أيضا لأنه لا يصح أن تكون الضلالة علة لشهادتهما.

قيل: بظهور المعنى يزول الإشكال فإن المقصود اذكار أحداهما الأخرى إذا ضلت ونسيت، فلما كان الضلال سببا للأذكار، جعل موضع العلة.

تقول: (أعددت هذه الخشبة أن يميل الحائط فأدعمه بها) فإنما أعددتها للدعم لا للميل، وأعددت هذا الدواء أن أمرض فأداوي به ونحوه" (٢).


(١) المقتضب ٣/ ٢١٥، وانظر سيبويه ٤٣٠
(٢) البرهان ٣/ ٩٧ - ٩٨

<<  <  ج: ص:  >  >>