{إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين، فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت أم كنت من العالين قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين قال فاخرج منها فإنك رجيم وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين قال فالحق والحق أقول لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين}[ص: ٧١ - ٨٥].
وبالنظر في سياق كل من السورتين يتضح سبب زيادة (لا) في الأعراف، دون سورة (ص) فإن التوكيد في سورة الأعراف بقوله (ولقد خلقناكم) و (لقد) مؤكدان هما اللام و (قد)، وهي أعني (لقد) جواب قسم عند النحاة، والقسم توكيد بخلاف القصة في (ص) فإنها تبدأ بقوله: (وإذ قلنا).
ثم إن المؤكدات في قصة الأعراف أكثر (لقد، وزيادة (لا)، أنك من الصاغرين أنك من المنظرين، لأقعدن لآتينهم لأملأن جهنم منكم أجمعين، وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين) فناسب ذلك المجيء بـ (لا) الزائدة المؤكدة.
ثم إن مقام السخط والغضب في قصة الأعراف أكبر، فناسب ذلك الزيادة في التوكيد والغلظة في القول، ويدل على ذلك أمور منها:
أنه طوي إسمه فلم يذكره في الأعراف، فقال (قال ما منعك ألا تسجد) في حين ذكر إسمه في ص، فقال:(قال يا إبليس ما منعك أن تسجد).
ويدل على ذلك صيغة الطرد في الأعراف قال (فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فأخرج أنك من الصاغرين) فقد كرر الطرد مع الصغار، (فاهبط)(فاخرج أنك من الصاغرين) وكرر الطرد مرة أخرى في الآية ١٨ قائلا (قال أخرج منها مذؤوما مدحورا).