وتأتي مع الفعل الدال على الحقيقة نحو {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}[البقرة: ١٨٥]، ونحو:{والله يعلم وأنتم لا تعلمون}[البقرة: ٢٣٢]، و {لا تأخذه سنة ولا نوم}[البقرة: ٢٥٥].
وما إلى ذلك.
فالخلاصة أن (لا) تنفي كل أزمنة المضارع فهي لا تختص بزمن دون زمن.
وأما من حيث دلالة (لن) على التوكيد، فالأمر كذلك، تقول (لا أكلمك) فإن شددت وبالغت قلت (لن أكلمك) قال تعالى: {إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا}[مريم: ٢٦]، وقال:{وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة}[البقرة: ٥٥]، وقال:{قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك}[هود: ٨١].
وهذا كله مقام توكيد.
أما ما ذهب إليه ابن عصفور من أن النفي بـ (لا) قد يكون آكد من النفي بـ (لا) لأن النفي بـ (لا) قد يكون جوابا للقسم بخلاف المنفي بـ (لن)، فالجواب عنه أن ذلك لا ينفي التوكيد عن لن، فإن عدم وقوع لن جوابا للقسم لا يعني أنها غير مؤكدة، إذ ليس شرطا أن تقع المؤكدات كلها في جواب القسم، فمن المعلوم مثلا أن (أن) المفتوحة الهمزة مؤكدة عند النحاة غير أنها لا تقع جوابا للقسم، فلا تقول (والله أن محمدًا حاضر) بفتح الهمزة وذلك لأن جواب القسم يكون جملة و (أن) المفتوحة الهمزة مؤكدة عند النحاة، غير أنها لا تقع جوابا للقسم، فلا تقول (والله أن محمدًا حاضر) بفتح الهمزة وذلك لأن جواب القسم يكون جملة و (أن) وما بعدها في تأويل مفرد، ولا ينفي ذلك كونها مؤكدة، وكذلك (لن) فإنها لا تقع جوابا للقسم، لسبب وهو أنها جواب لسوف و (سوف) لا تقع جوابا للقسم (١). وكذلك منفيها.
(١) أي وحدها من دون اللام وإلا فهي تقع معها نحو {ولسوف يعطيك ربك فترضى}.